مدينة سالزبورج جنة الله على الأرض، حين تتجول فيها تحس أن الجنة قد هبطت من السماء واستقرت فى النمسا، وبرغم مناظرها الطبيعية الخلابة وجبالها الخضراء وبحيراتها العذبة المتفردة فإن كل ذلك ليس هو صانع سياحتها الأول ومصدر جذبها الأساسى، كلمة السر والشفرة تكمن فى إشارتين، الأولى «موتسارت» والثانية «صوت الموسيقى»، الأول ولد هناك والثانى تم تصويره هناك، مستغلاً أجمل لوكيشن فى العالم كمسرح أحداث وخلفية تصوير لأهم فيلم موسيقى فى الستينات، بل إن البعض يعتبره أهم فيلم موسيقى فى التاريخ، موتسارت فى سالزبورج يحيط بك من بداية هبوطك فى المطار، اسم المطار موتسارت وتمثاله فى مواجهة كل من ينزل من على سلم الطائرة، أشهر شىء تشتريه من هناك شيكولاتة موتسارت التى على كافة الأشكال والألوان والأحجام، منزل موتسارت الذى ولد فيه هو أهم معلم سياحى على خريطة السياحة هناك، بل زيارته هى شبه فرض عين على كل سائح وسائحة، المنزل ما زالوا محتفظين به وبكل معالمه وتفاصيل تفاصيله، تذكّر قارئى العزيز فيلا أم كلثوم التى تم هدمها فى لمح البصر بعد وفاتها لبناء برج سكنى!! المهم أنك ستجد كل شىء بداية من الملعقة التى كان يأكل بها موتسارت إلى الفيولين والبيانو اللذين تعلم عليهما العزف فى سن السادسة وألف السيمفونيات قبل أن يكمل العاشرة من عمره، مروراً بخطاباته لزوجته ونوته الموسيقية وأحذيته وغرفة نومه ومطبخه.. إلخ، إلى هذا الحد يمجدون عظماءهم ويحتفون بهم ويحوّلون كل هذا إلى مصدر دخل سياحى هائل، أما فيلم «صوت الموسيقى» فرحلة الباص السياحى الذى يتجول بك فى أماكن تصوير الفيلم هى أهم جولة سياحية هناك، دمج الفن بالسياحة واستغلال سحر الفن لإبراز سحر البلد، هنا غنت جولى أندروز وهنا انقلب مركبها فى البحيرة، وهناك فى هذا الكشك الخشبى ولد الحب، وهناك فى تلك الكنيسة تمت مراسم الزفاف، وعلى أبواب هذا القصر تمت أول مقابلة، صوت أشهر أغانى الفيلم وهى تتسلل إلى وجدانك مختلطة بتلك المناظر الرائعة تجعلك تعيش إحساساً صوفياً نورانياً وكأنك غسلت روحك ووجدانك واستعدت فطرتك الإنسانية، شاهد كل ذلك وترحّم على مصر المصابة بألزهايمر.. نسيان بصماتها ونجومها وعظمائها، أحياناً تترحم عليهم ولكنها لا ترحمهم.