17 أبريل يوم الهيموفيليا العالمى، ولذلك لا بد ألا ننسى هؤلاء الأطفال الغلابة الذين يحتاجون إلى الفهم والتعاطف والرعاية والدعم النفسى والمالى، هل تتخيل معنى أن يموت أمامك طفل بنافورة نزيف لا تتوقف نتيجة سحب عينة دم أو عملية ختان أو خلع ضرس؟! هل يمكنكم تخيل مأساة طفل يدخل المراهقة معاقاً تماماً نتيجة تليف مفاصله وتيبسها من النزف الداخلى؟ هل تتصور معنى أن يصلك خبر موت طفل فى عمر الزهور بنزيف داخلى فى المخ أو الجهاز الهضمى؟! طفل الهيموفيليا الذى يُهمَل علاجه ولا تستطيع الدولة تحمل تكاليفه من الممكن، بل من العادى جداً، أن يلاقى هذا المصير، النتيجة طفل من زجاج يضعه أهله فى صوبة من الممنوعات والتحذيرات واللاءات، يحس الطفل بأنه فى سجن وهو فى سن النشاط والحيوية، يشعر أنه مشلول، ينظر إلى الرفقاء والصحبة والزملاء فيجد نفسه منبوذاً بلا صديق، فالكل يتحاشاه نتيجة تعنيف آباء وأمهات المرضى والمدرس والناظر: اتركوهم فى حالهم ما حدش يقرب لهم!! هذا هو النشيد القومى الذى يسمعه كل يوم الأطفال من مرضى الهيموفيليا. إليكم بعض الأرقام الصادمة، والأرقام أصدق أنباء من الكتب، 6 آلاف حالة هيموفيليا مسجلة فى جمعية أصدقاء مرضى الهيموفيليا، لكن عددهم الحقيقى يتجاوز 25 ألفاً، 70% من هؤلاء المرضى انتقل إليهم فيروس «سى» نتيجة نقل الدم، من الممكن تفادى هذا الانتشار المرعب لفيروس «سى» بينهم باستخدام الأدوية الجديدة المصنعة بالهندسة الوراثية، تكلفة العلاج للطفل تبلغ 50 ألف جنيه سنوياً، ومن يحتاج العلاج فى هذه السن نحو 50 إلى 60 حالة جديدة سنوياً، يولد 4% من مرضى الهيموفيليا بنزيف فى المخ يصل إلى 10% فى العام الأول من العمر، عند عملية الطهارة يحدث نزيف لدى 75% من المصابين قد يستمر لمدة يوم أو يومين، وغالباً يرتق الجراح موضع الجرح وينقل بلازما دون تشخيص، السبب الرئيسى للإعاقة فى مرض الهيموفيليا هو النزف داخل المفاصل والعضلات، وقد يحدث نزف بنحو 2 لتر من الدم داخل العضلات، ما يؤدى إلى بتر الساق فى الحالات الشديدة، وتلف المفاصل يصل إلى 100% فى سن المراهقة لمن لا يعالَج. نحن فى مصر نحتاج إلى 400 مليون وحدة معامل تجلط سنوياً، لا يتوافر منها سوى 10 ملايين وحدة! المستقبل فى العلاج الجينى، فمنذ أن تم تطوير أول طريقة علاج بالجينات فى أوائل التسعينات فإن مرض الهيموفيليا ظل من أوائل الأمراض المرشحة لتطبق عليه هذه الطريقة، الفكرة التى تكمن خلف استعمال العلاج بالجينات بسيطة، ففى حالة الإصابة بهذا المرض تكون جينات عوامل التجلط غير طبيعية، والهدف من علاج الهيموفيليا بالجينات هو توصيل نسخة طبيعية من جين عوامل التجلط إلى خلايا المريض، ولكن للأسف من الناحية العملية، عملية المعالجة حتى الآن معقدة جداً وفى طور التجارب، وحتى تتحقق هذه المعجزة الطبية والثورة العلمية ما علينا إلا إنقاذ هؤلاء الأطفال الذين تنتظرهم الإعاقة الجسدية والنفسية، فلا يكفى أن يكون أطفالنا على قيد الحياة، بل من الواجب أن يعيشوا نوعية حياة أفضل وأكرم.