وصلتنى ردود فعل كثيرة ومتعددة على مقالى عن كلية العلوم وما وصلت إليه والذى أكدت فيه أن تقدمنا العلمى والاقتصادى مرهون بنهوض هذه الكلية وتعظيم دورها فى المرحلة المقبلة وتقديم كافة الإغراءات للملتحقين بها، اخترت إحدى تلك الرسائل من د. مصطفى عبدالفضيل نشرتها بنفس لغتها العامية كزفرة غضب بدون تزويق أو ماكياج، هى صرخة لا بد أن نسمعها ونستوعب دلالاتها، يقول د. مصطفى: «قرأت بكل تركيز مقالكم الرائع عن كلية العلوم، وأعتقد أنه ليس المقال الأول فى هذا الموضوع المهم.. كاتب الميل خريج كلية علوم المنصورة سنة 1984 وأعمل فى إحدى الهيئات الأجنبية فى القاهرة من 25 سنة (نامرو-3) المشكلة يا سيدى الفاضل فى سوق العمل، ليست نوعية تعليم ولا دعم دولة بل احتياج مجتمعى، المجتمع لا يعرف خريج كلية العلوم ولا يعرف نوعية أشغاله ومدى أهميتها. والعجيب أنه عندما تتاح له فرصة العمل يتعرض للاضطهاد من الطبيب والفنى لو بيشتغل فى معمل مستشفى، أو من الصيدلى لو بيشتغل فى شركة أدوية، أو من المهندس لو بيشتغل فى مصنع، أو من المدرس لو بيشتغل فى مدرسة أو من خريج الزراعة لو بيشتغل فى معامل المبيدات والأسمدة، حتى لو اشتغل فى وزارة العدل بيتعرض أيضاً للاضطهاد من خريج الحقوق، يعنى مضطهد فى كل مكان يروح فيه، ضيف على كده الجهل المجتمعى بنوعية الأعمال التى يقوم بها خريج العلوم وعدم معرفة الناس بها لدرجة إن فنى المعمل فى المستشفى يعامل معاملة أفضل من الكيميائى الذى يعمل بنفس المكان، ودائماً يوحى إليه بأنه دخيل على العمل مع أنه الوحيد اللى درس علوم أساسية وعارف يعنى إيه تحاليل. الغريب أيضاً أنه لا يوجد قانون ينظم ممارسة مهنة خريج كلية العلوم حتى هذه اللحظة بعد مرور أكثر من 70 سنة على إنشاء الكلية فى مصر والأغرب أن نقابة العلميين ما زالت تحت رحمة الإخوان المسلمين منذ عام 1993 وحتى اليوم، ولا أمل فى التغيير بالرغم من التغيير اللى حصل فى نقابة الأطباء والمهندسين وغيرهما. المشكلة أعمق بكثير من مقال أو شوية فلوس ترصدهم الدولة لدعم البحث العلمى الذى يتحول إلى رسائل ماجستير ودكتوراه تُركن على الرف ولا يستفيد منها المجتمع فى شىء. المنظومة الحالية تحتاج إلى نسف لكل ما هو قائم وبناء منظومة بحث علمى برؤية جديدة تماماً يتحول من خلالها إلى قاطرة للمجتمع ومصدر مهم من مصادر الدخل القومى من خلال تحويل الأبحاث إلى منتجات للاستعمال الداخلى والتصدير إلى كل دول العالم، ساعتها فقط سيتحول خريج العلوم إلى عملة نادرة والكلية إلى كلية قمة، وستتهافت الجامعات الخاصة على إنشاء كليات متخصصة فى الكيمياء الصناعية مثلاً أو دراسات البيوفيزكس وبدون تدخل من الدولة أو أى كيان آخر إنما حراك مجتمعى فكرى قائم على العرض والطلب. كاتب الكلمات حاصل على درجة الدكتوراه فى الكيمياء الحيوية ومرشح سابق لمجلس نقابة المهن العلمية 2011 ومتخصص فى تطوير الطرق المعملية الخاصة بتشخيص الأمراض المعدية، وله العديد من الأبحاث المنشورة فى هذا المجال، وعلى اتصال بالعديد من الهيئات الدولية، وشارك فى الكثير من المؤتمرات العلمية ويعرف كيف يمكن تحويل البحث العلمى إلى مصدر للدخل القومى أكبر من البترول وقناة السويس، وعلى الرغم من ذلك لا أعرف «أولادى يقولوا إيه لواحد يسألهم بابا بيشتغل إيه؟» نتيجة الجهل المجتمعى والتهميش المستمر لخريج كلية العلوم.. أرجوك لا تستغرب من عزوف الطلاب على دخول هذه الكلية.