عندما استمعت إلى طموحات مشروع مكتبة الأسرة فى ثوبها الجديد تفاءلت أن مصر بخير مهما كانت الظروف والصعاب والمؤامرات، فالطموحات ليست أوهاماً محلقة بلا أجنحة ولكنها طموحات مشروعة مدروسة من الممكن تحقيقها بالجهد والجسارة لأن البنية الثقافية والمشروع الحضارى لمصر ما زال قادراً على النبض والحياة والتجدد والتطور والمقاومة، د. جابر عصفور ليس مجرد وزير ثقافة ولكنه مفكر كبير وقامة ثقافية أسهمت فى إثراء الفكر المصرى سواء كأستاذ فى قسم اللغة العربية أو كناقد أو كرئيس للمركز القومى للترجمة، هو رجل لديه مشروع تنويرى لمصر ولديه رؤية متكاملة للنهوض بالثقافة المصرية، يريد للعقل النقدى أن يكسب أرضاً جديدة فى معركته ضد التلقين والتخلف والعقل الخرافى الأسطورى، يكفى أن تلقى نظرة على عناوين الكتب المترجمة وقت رئاسته للمركز لتعرف كم كان التنوير هاجساً عند د. عصفور، دينامو المشروع هو د. أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب والذى له نفس الرؤية والتوجه والحماس والإخلاص لهذا المشروع الذى يعد من ضمن مكونات التصنيع الثقافى الثقيل، مقرره هو د. فوزى فهمى بانضباطه الشديد وخبرته السابقة مع هذا المشروع الذى أضاف لمكتبات الغلابة والطبقة المتوسطة المصرية عناوين مهمة لم تكن لتدخل بيتاً مصرياً قبل هذا المشروع الذى حاول البعض دفنه تحت شعارات الفلول والعهد البائد إلى آخر هذا الهراء، أنا متفائل بمكتبة الأسرة الجديدة فى ظل الظروف الجديدة بعد 30 يونيو ومع هذا المخاض الثقافى وحرث الأرض الفكرية والعقلية المصرية الذى لو لم تكن له بوصلة أو دفة أو مظلة مثل هذا المشروع الضخم لتحول إلى بحث عن سراب، مشروع مكتبة الأسرة يعتمد على عدة محاور منها التنوير والاهتمام بالثقافة العلمية والأطفال وإنتاج الشباب فى مختلف مناحى الإبداع، النهوض بقيم الفكر المصرى الحضارى التى طمستها رمال صحراء الفكر المتزمت التى طغت على العقل المصرى فى السنين الأخيرة وطمست ملامح التقدم والتحضر والحداثة فبرزت على السطح تيارات تخلف وتطرف وتعصب وانغلاق كادت أن تدخل مصر فى نفق معتم لا نهاية له، هناك اتجاه لبعث وإحياء كتابات شيوخ الأزهر ورجاله المستنيرين الذين صنعوا تاريخ الأزهر الوسطى قديماً من محمد عبده إلى شلتوت والصعيدى، وأيضاً امتداد وتوسع النظرة وخروجها من محيط مصر الضيق إلى استشراف وجهات نظر مدارس التجديد الدينى والتنوير التونسية والسودانية والعراقية.. إلخ. أنا متفائل بمشروع مكتبة الأسرة وبلجنة الاختيار التى تضم قامات لها كل الاحترام والتقدير والمكانة الرفيعة، وبهيئة الكتاب التى ما زالت حصن المثقفين الأخير فى ظل مناخ معاد للثقافة ومزاج كاره للعلم.