لا بد أن نحمد الله على أن القانون المنظم لزرع الأعضاء قد أفلت من تشويهات ومؤامرات الإخوان المسلمين الذين كانوا ضده وبشراسة انطلاقاً من حجج دينية مزيفة، استغلوا صدوره قبل يناير 2011 لكى يلصقوا به صفة الفلول ليسهل شطبه، كانوا يرتبون لإلغائه بقيادة د.أكرم الشاعر قطبهم الشهير فى بورسعيد وأحد أهم المهاجمين للقانون الذين كان لهم دور مؤثر فى تعطيله مدة طويلة مما يعطينا صورة لكيف سمح لهم مبارك وتساهل معهم فى تعطيلهم لقانون حياة أو موت ظل مؤجلاً لمدة ربع قرن، وهو الذى كان من الممكن بإشارة لحزبه الوطنى الذى يمثل الأغلبية أن يصدر فى ربع ساعة، ذنب كل من مات وهو يدق أبواب المستشفيات طالباً زرع كبد كامل أو قلب...إلخ من متوفى حديثاً هو فى رقبة مبارك ورقبة الإخوان معاً، فقد سمح مبارك وحزبه فى إطار صفقات الوطنى مع الإخوان ونظام «سيب وأنا أسيب» والمزايدة على من أكثر تديناً لمغازلة الشارع المغيب، سمح لهم بتعطيل قانون زرع الأعضاء كل هذه الفترة ضمن تنازلات مباركية كثيرة لقاء الكراسى والمناصب، سمح لهم من خلال كوادرهم ومن خلال أساتذة الطب الإخوانيين والمتعاطفين والمصلحجية ومن خلال بعض إخوانيى الهوى فى الأزهر بأن يضغطوا على الدولة ويعطلوا زرع الأعضاء من المتوفين حديثاً بحجة أن الموت الشرعى الموجود فى كتب الفقه هو توقف القلب حتى لو مات جذع المخ، ولتذهب كتب الطب إلى الجحيم وليظل رأى الحانوتى منتصراً على رأى محمد غنيم ومجدى يعقوب وخيرى السمرة وحمدى السيد ومحمود المتينى وغيرهم من أساتذة الطب الأجلاء، كان المرضى المصريون الذين يحتاجون إلى مثل هذه العمليات خاصة مرضى الكبد المتليف والذين يعانون من استسقاء أو سرطان محدود أو نزيف دوالى عنيف لا ينفع معه الحقن.. إلخ، كانوا يواجهون الموت فى كل لحظة ويذهب بعضهم إلى الصين ليزرع هناك وكان الكثير منهم يموت هناك نظراً لتأخر حالته وسفره بعد الأوان، كل هذا والصفقة شغالة والقلب بارد والحجج الإخوانية لا تنتهى فيخرج منهم من يقول إن الداعية الفلانى قال إن الموت هو انخساف الصدغين وتدلى اللسان، وآخر يفتى بأنه قد شاهد مريضاً بدون جذع مخ يعيش ويمشى ويتحرك... إلى آخر هذه الهلاوس اللاعلمية التى تندرج تحت باب تخاريف الدخان الأزرق، ثم بعد كل هذه الرحلة المضنية صدر القانون فتنفسنا الصعداء ثم استولى الإخوان على الحكم فتوجسنا ولكن الحمد لله كان همهم الأول التمكين فى الكراسى فعطلوا القانون تمهيداً لإعادة مناقشته ثم إلغائه بعد ذلك بالموت الإكلينيكى بدون حتى جهاز تنفس صناعى، لكن والحمد لله جاء «30 يونيو» ليزيح الغمة الإخوانية وبدأ النشاط يعود من جديد للجنة زرع الأعضاء من خلال تصريحات دينامو اللجنة د.عبدالحميد أباظة الذى بث الطمأنينة فى نفوسنا ثانيةً ووعد بأن زرع الأعضاء من المتوفين حديثاً سيتم بداية من العام المقبل فى طب القاهرة والمنصورة وعين شمس ومعهد الكبد والقوات المسلحة، كانت فضيحة أن تزرع الأعضاء فى دول العالم كلها منذ السبعينات بما فيها السعودية وتظل مصر وأفغانستان رمزاً للتخلف فى هذا المجال بإصرارهما على رفض زراعة الأعضاء من المتوفين حديثاً برغم أننا كنا من أوائل الدول التى زرعت الأعضاء من متبرعين. زراعة الأعضاء هى زراعة أمل جديد لمصر مختلفة وزراعة عقل جديد جَسور لا يخاف من فتاوى متخلفة ولا مزايدات دينية مبتزة ولا صفقات من أسفل الطاولة مع سماسرة الدين.