لم أندهش لقرار داعش بشطب الكيمياء من مناهج التعليم، وبالطبع ستكون الخطوة التالية هى شطب التعليم نفسه، فهناك عداء مزمن ضد الكيمياء من دواعشية التخلف كارهى الإبداع منذ ابن تيمية حتى الآن، ذلك لأن الكيمياء إبداع، وبالطبع البدعة ضلالةٌ صاحبها فى النار، والتفكير جريمة فى عرف هؤلاء التتار الجدد. كنت قد توقعت هذا التصرف ضد الكيمياء والعلم عموماً فى مقال سابق كان عن الإخوان الداعشيين الذين حكموا مصر فى غفلة من الزمن فكانوا أكبر خطأ مطبعى فى كتاب تاريخ المحروسة، المقال أعيد نشره لكم اليوم لعل الذكرى تنفع المصريين: أندهش من الإخوانجى المتحمس والجهادى المتشنج وهو يصرخ نافر العروق منتفخ الأوداج قائلاً: «حنرجع غصب عنكم لأيام الدولة الدينية اللى مش عاجباكم، شوفوا علماء المسلمين الذين أنجبتهم هذه الخلافة الدينية مثل جابر بن حيان والرازى وابن سينا والخوارزمى... إلخ، عشان تعرفوا أن فى ظل الدولة الدينية ينتعش العلم!»، ويظل يرص كل تلك الأسماء التى لا تنتمى إلى الجزيرة العربية ولكنهم ينتمون إلى حضارات سابقة مثل حضارة فارس والعراق ومصر والشام، والأهم هو أن هؤلاء العلماء الحقيقيين كانوا مكروهين بل مكفَّرين من الشيوخ والفقهاء وقتها، وهذه هى المفاجأة التى لا يعرفها ببغاوات الإخوان، طبعاً كان فيه علماء، لكن لم تصنعهم الدولة الدينية، وإنما صنعها التراكم الحضارى لبلادهم الأصلية وفهمهم الصحيح للإسلام الذى يحض على السعى فى الأرض والتفكر والتدبر، بدليل الحرب الشعواء التى مارسها ضدهم فقهاء هذا العصر وشيوخ ذلك الزمن، وإليكم غيض من فيض مما قيل فى تكفير العلماء المسلمين: - كفّر الفقيه ابن تيمية العالم جابر بن حيان وهو من علّم أوروبا الكيمياء، وزاد من كراهيته له شيعية جابر، وقد أفتى ابن تيمية فى تحريم الكيمياء فتوى فى مجموع الفتاوى (368/29) وقال: «أهل الكيمياء من أعظم الناس غشاً! وهم أهل ذلة وصغار»! وقال: «الكيمياء محرمة باطلة»! ولم يكن فى أهل الكيمياء أحد من الأنبياء ولا من علماء الدين ولا الصحابة ولا التابعين»! وإن جابر بن حيان «مجهول لا يُعرف! وليس له ذكر بين أهل العلم والدين»! و«الكيمياء أشد تحريماً من الربا»!!، ثم يقول: «الكيمياء لم يعملها رجل له فى الأمة لسان صدق ولا عالم متبع ولا شيخ ولا ملك عادل ولا وزير ناصح إنما يفعلها شيخ ضال مبطل»! - ابن سينا الموجود تمثاله أمام بوابات أعرق كليات الطب فى أوروبا قال عنه ابن القيم فى «إغاثة اللهفان 2/374»: «إنه إمام الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر»، وقال عنه الكشميرى فى «فيض البارى 1/166»: «ابن سيناء الملحد الزنديق القرمطى»، لذلك نقل عنهم وقال الشيخ صالح الفوزان: «إنه باطنى من الباطنية، وفيلسوف ملحد». - ما قيل عن أبى بكر الرازى لا تكفيه مجلدات، كفّروا هذا الطبيب والعالم والفيلسوف العبقرى، قال عنه ابن القيم فى «إغاثة اللهفان 2/179»: «إن الرازى من المجوس»، و«إنه ضال مضلل». - قال ابن العماد فى «شذرات الذهب 2/353» عن الفارابى: «اتفق العلماء على كفر الفارابى وزندقته». - وقال ابن تيمية عن محمد بن موسى الخوارزمى: «العلوم الشرعية مستغنية عنه وعن غيره». - قالوا عن ابن الهيثم: «إنه كان من الملاحدة الخارجين عن دين الإسلام، وكان سفيهاً زنديقاً كأمثاله من الفلاسفة». - وقالوا عن نصير الدين الطوسى: «إنه نصير الشرك والكفر والإلحاد». - وقالوا عن الكندى: «إنه كان زنديقاً ضالاً»، فرد عليهم الكندى قائلاً: «هؤلاء من أهل الغربة عن الحق، وإن تُوجوا بتيجان الحق دون استحقاق، فهم يعادون الفلسفة دفاعاً عن كراسيهم المزورة التى نصبوها من غير استحقاق، بل للترؤس والتجارة بالدين، وهم عدماء الدين». ملاحظة: وكأن الكندى يعيش معنا هذه الأيام!