«افتح يا سمسم» صارت حقيقة وواقعاً بعد أن كانت مجرد حكاية وأسطورة تسكن كتاب ألف ليلة وليلة، قالها على بابا الصينى وسمح للعالم كله بأن يقولها ويدخل من خلال موقع إنترنت إلى عالم التجارة والمال فى إمبراطورية التنين الأصفر الذى سيبسط هيمنته الاقتصادية على العالم كله ويتحكم فى مفاتيحه ومستقبله وكود حياته وشفرة وجوده. «على بابا دوت كوم» قصة نجاح وكفاح لشاب صينى اسمه «جاك ما»، أتمنى من كل شاب مصرى أن يقرأ قصته ويعيها جيداً وتتسرب دلالتها إلى نخاعه وخلاياه ووجدانه، فهذا هو القدوة الحقيقية التى يجب أن نعلمها لأبنائنا، كيف بالدماغ والفكر فقط، كيف بالإصرار والمثابرة فقط، كيف بالعزيمة والإبداع والخيال فقط تستطيع أن تبنى حلمك بعيداً عن الأفكار الداعشية التى سيطرت على عقول شبابنا فصارت قدوتهم هى أبوبكر البغدادى وبن لادن والظواهرى، وحلمهم هو الانتحار من أجل السبعين حورية. أود أن أعرفكم أولاً قبل حكاية «جاك ما» الصينى وقصة موقع «على بابا» التسويقى على قيمة هذا الموقع بالأرقام.. ثمن موقع على بابا الآن 153 مليار دولار، أرباح الربع الأول من 2014 بلغت قيمتها 1.35 مليار دولار، عدد زوار الموقع 42 مليون زائر شهرياً، تكفى هذه الأرقام لنعرف عمن سنتحدث وما قيمة التجربة التى نحكى عنها؟ قصة هذا الصينى المولود عام 1964 والذى ظل حتى سن الثلاثين لا يفقه شيئاً فى الإنترنت وقرر فى هذه السن أن يقتحم هذا المجال ويؤسس أكبر موقع تجارة إلكترونية على مستوى العالم، قصة هذا الرجل الذى فتح مغارة على بابا بياقوت ومرجان وذهب الإنترنت هى قصة أغرب من الخيال، وأراهن على أنها لو تحولت إلى سينما ستكتسح نسبة الأعلى مشاهدة، قرر الطفل «جاك ما» وهو فى سن الثانية عشرة أن يتعلم اللغة الإنجليزية، وفى سبيل ذلك كان يركب دراجته يومياً فى كل صباح لمدة 40 دقيقة فى ظل جو الصين المتقلب ولا يأبه أو يهتم لأمطار أو جليد أو صقيع أو هجير لافح، يفعل هذا فقط لكى يذهب إلى أقرب فندق سياحى ليقابل فيه السياح الأمريكان وغيرهم ويعرض عليهم خدماته، يعمل مرشداً سياحياً مجاناً مقابل أن يتحدث معهم ويقوى لغته الإنجليزية. دعته أسرة أسترالية لزيارتهم فقضى معهم شهراً عرف فيه أن الصين ليست كل العالم، بل هى مجرد جزء من هذا العالم مترامى الأطراف، تقدم لأسوأ جامعة فى الصين بحكم قرب المكان، وبرغم ذلك رفضته هذه الجامعة مرتين، أصر على الالتحاق بها ولم يصبه اليأس، تخرّج معلماً للغة الإنجليزية لمرحلة الثانوى بمرتب شهرى 15 دولاراً فقط، حاول أن يزيد دخله بالعمل فى مطاعم كنتاكى، ولكن طلبه قوبل بالرفض. قرر «جاك ما» إنشاء شركة ترجمة، وفى إحدى المرات سافر إلى أمريكا كوسيط بين شركة صينية ورجل أعمال أمريكى مديون لها، حاول استرجاع الدين وفشل، واتفق معه هذا الأمريكى على الدخول معه كشريك فى شركة إنترنت «تخليص حق» بدلاً من دفع هذه الأموال ويسدد هو بدلاً منه، المهم أن هذا الشاب الصينى استدان من أقاربه ألفى دولار، وبدأ مع 17 صديقاً إنشاء ما يسمى «الصفحات الصفراء»، ثم كبرت أحلامه رويداً رويداً إلى أن صارت هذه الشركة الجبارة العملاقة. تخيلوا أنه بدأ هذا المشروع ولم تكن لديه أدنى فكرة عن الإنترنت أو حتى الـ«كى بورد»، وكان يصف نفسه وقتها بالأعمى الذى يمتطى نمراً أعمى، كان الإنترنت بطيئاً فى الصين بشكل ممل لدرجة أنه كان ينتظر نصف ساعة لإنزال نصف صفحة، ولكنه كان يتغلب عليها بالمرح والضحك واللعب مع أصدقائه حتى لا يتسرب إليهم اليأس والزهق والاستسلام. حكاية على بابا طويلة ومتشعبة وبها تفاصيل كثيرة، أرجوكم الاطلاع عليها لكى نتأكد أن الخيال والإصرار والإبداع والعلم هى «افتح يا سمسم» المعاصرة التى تفتح أبواب كل المغارات وتكشف عن كل الكنوز.