الرئيس السيسى فى أحد الاجتماعات عاتب إبراهيم عيسى على فتحه للقضايا الدينية الشائكة فى برنامجه «مدرسة المشاغبين» قائلاً: «ده مش وقته»، تسربت هذه الملاحظة إلى الصحف، وليسمح لى الرئيس أن أعترض عليها، وأقول بالعكس إنه وقته وحينه وأوانه، ويجب أن ينضم إلى إبراهيم عيسى وإسلام بحيرى وسعد هلالى رفاق آخرون يمتلكون نفس الوعى ونفس الحماس ونفس الشجاعة، مناقشة القضايا الدينية التى يقال عنها شائكة ليست ترفاً أو رفاهية لأن كل ما نعانيه مع تيار التأسلم السياسى هو من جراء سكوتنا وصمتنا وخرسنا وخوفنا من مناقشة تلك القضايا وتأجيلها حتى أتت النار على الأخضر واليابس وتصحرت العقول حتى صار الذبح والقتل والسحل والاغتصاب يتم تطبيقاً لشرع الله من وجهة نظرهم!، لن تستطيع سيادة الرئيس فضح هذا التيار وكشفه وهزيمته إلا بالجرأة والجسارة فى اقتحام تلك المناطق الشائكة بأحراشها وغاباتها، مناقشة أهمية سياق النص قضية فى منتهى الأهمية لا بد من اقتحامها وعدم دفن رؤوسنا فى الرمال تعمية عن التعرض لها خشية التكفير والاتهام بإنكار المعلوم من الدين بالضرورة من السلفيين الذين يؤمنون بظاهر الألفاظ وحرفية النصوص ويستخدمون اقتطاع السياق لتبرير وتمرير جرائم ومصائب وكوارث، مناقشة البخارى ليست كفراً أو زندقة، ويجب ألا يتخيل أحد أن الداعشيين لا يعتمدون فى إرهابهم وترويعهم على أحاديث ونصوص فسروها على هواهم أو لم يناقشوا صحتها أو لم يضعوها فى سياقها التاريخى الصحيح، وصمتنا على هذا الاستخدام الداعشى للنصوص بحجة أن هذا ليس الوقت المناسب سيجعل هناك ما يسمى الذبح الحلال والقتل فى سبيل الله والاغتصاب الشرعى.. إلى آخر هذه الجرائم التى ألبسوها عباءة الدين، مناقشة قصر الدين على الشكليات والزى ليس رفاهية؛ لأن المجتمع الغارق فى الشكليات مجتمع تافه غير منتج سيظل قابعاً فى ذيل الأمم يستجدى ويتسول ويتقوقع داخل صدفة شكلياته المريضة، مناقشة بوتيكات الإعجاز العلمى وسماسرة الطب النبوى ليست رفاهية؛ لأن غياب المنهج العلمى فى التفكير كان من أهم أسبابه سيادة فكر هؤلاء وتغييبهم للعقل ومداعبة غدد الكسل العقلى وعبادة الماضى وترويج العلم الزائف. لو ظللنا سيادة الرئيس نقول «لسه مش وقته» سيداهم وطننا الوقت ويسيطر البرابرة على عقولنا ويتسربون من مسام غيبوبتنا العقلية، وحينها مهما كان لدينا من أموال ومشاريع فى ظل عقل مخدر وفكر مدروش ووجدان جاف فسنظل فى الطبقات الجيولوجية الدنيا لا وطناً كما تتمنى قد الدنيا.