برغم كل التقدم الطبى والعلمى ما زالت بعض العادات والتقاليد والأعراف والممارسات تجهض أحياناً هذا التقدم، أخطر مثال حى الآن هو مرض الإيبولا اللعين الذى تلعب فيه مراسم الدفن فى ليبيريا وسيراليون وغيرها من دول غرب ووسط أفريقيا دوراً معوقاً للأبحاث العلمية على هذا الفيروس الشرس، فأهل المتوفى بالإيبولا يرفضون تسليم جثته بل ويتعاملون بعنف مع الأطباء الذين يذهبون إلى هناك فى مهام شبه انتحارية، ويا ليت الأمر يقف عند هذا الحد من رفض التسليم بل يتجاوز هذا الرفض إلى مراسم وطقوس الدفن هناك التى يقدسونها وكأنها منزلة من السماء، فهذه الطقوس دونها الرقاب، والتخلى عنها أصعب من التخلى عن روحك وقلبك! المراسم تتجاوز الصراخ والندب واللطم، ففيها الأحضان والقبلات واللمس والتفعيص واللغوصة فى الجثة!! يعنى ببساطة درس تعليمى خصوصى فى كيفية نقل المرض وانتشاره!! فهذا المرض اللعين الذى تتوقع منظمة الصحة العالمية أن تصل معدلاته إلى خمسة آلاف حالة كل أسبوع هو مرض فيروسى حاد يتميز غالباً بإصابة الفرد بالحمى والوهن الشديد والآلام فى العضلات والصداع والتهاب الحلق، ومن ثم التقيؤ والإسهال وظهور طفح جلدى واختلال فى وظائف الكلى والكبد، والإصابة فى بعض الحالات بنزيف داخلى وخارجى على حد سواء. وتُظهر النتائج المختبرية انخفاضاً فى عدد الكريات البيضاء والصفائح الدموية وارتفاعاً فى معدلات إفراز الكبد للأنزيمات، والمهم أن المصابين بالمرض ينقلون عدواه إلى الآخرين طالما أن دماءهم وإفرازاتهم حاوية على الفيروس. وتبيّن من حالة مكتسبة مختبرياً عُزِل فيها فيروس الإيبولا عن السائل المنوى أن الفيروس كان موجوداً فى السائل حتى اليوم الحادى والستين عقب الإصابة بالمرض، وتتراوح فترة حضانة المرض (الممتدة من لحظة الإصابة بعدواه إلى بداية ظهور أعراضه) بين يومين اثنين و21 يوماً. مما سبق نتأكد من أن هذه الطقوس التى يصر عليها هؤلاء برغم رؤيتهم للجثث والضحايا يومياً هى سبب رئيسى فى العدوى، وبدلاً من مساعدة الباحثين يطاردونهم وكأنهم مجرمون كما فعلت طالبان باكستان مع فريق تطعيم شلل الأطفال عندما منعوهم وطردوهم بحجة أنهم ضد الشريعة!! كم من الجرائم تُرتكب باسمك أيتها العادات والتقاليد.