وصلتنى رسالتان، الأولى من د. يحيى طراف، أستاذ جراحة عظام الأطفال، والثانية من الأب رفيق جريش، مدير المكتب الصحفى للكنيسة الكاثوليكية، تقول رسالة د. طراف: جاء باجتماعيات أهرام الجمعة ١١/٧ إعلان لحساب مستشفى كبير يعلن عن زيارة خبيرة فى جراحات رمد الأطفال، لم يذكر عنها الإعلان شيئاً سوى أنها «إنجليزية الجنسية». لم يذكر الإعلان فى أى جامعة من جامعات إنجلترا تعمل هذه الأستاذة الدكتورة، هذا إذا كانت أستاذة بالفعل (professor) كما يُفهم من الإعلان. كذلك لم يذكر الإعلان شيئاً عن المستشفى أو المستشفيات التى تعمل بها فى إنجلترا، ولا ذكر شيئاً عن مؤهلاتها ودرجاتها العلمية وخبراتها التى أهّلتها لعلاج عيون الأطفال، لم يذكر الإعلان شيئاً من هذا، وإنما حرص على التنويه إلى أن الخبيرة الزائرة ذات الاسم العربى هى إنجليزية الجنسية، ويبدو أن هذا هو المطلوب فى سوق الطب فى مصر اليوم، التنويه عن جنسية المقبل الأجنبية وليس مؤهلاته العلمية، وذلك حتى يهرع المرضى زرافات ووحداناً يتسابقون لحجز موعد معه، ويبذلون دون ذلك وفير المال. هذا الإعلان ليس إهانة للطب فى مصر فقط، ولكنه إهانة للشعب المصرى كذلك لما اعتمد كليةً على تسويق طبيب لديه بجنسيته الأجنبية وليس بمهارته. ولا أستطيع أن ألوم أطباءنا من مزدوجى الجنسية، إذا ما قاموا بتعليق شهادات جنسياتهم الأجنبية على حوائط عياداتهم جنباً إلى جنب مع شهادات مؤهلاتهم، وزادوا فى أسعار كشوفاتهم وأتعابهم عن نظرائهم المتمتعين بالجنسية المصرية فقط. بل لا ألوم الطبيب الذى يصرف النظر عن خوض رحلة العلم والاستذكار والبحث الطويلة والشاقة والمكلفة طلباً للمؤهلات العالية والخبرات الدقيقة، واكتفى بالسعى للحصول على شهادات الجنسية الأجنبية، ليغزو بها سوق الطب فى مصر. أما رسالة الأب جريش فيقول فيها: لم تهدأ شبكات التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام، خاصة فى الخارج، للتعليق على كلمات البابا فرنسيس حول نظرية التطور فى اجتماعه مع الأكاديمية الحبرية للعلوم فى الفاتيكان لتكريم البابا الفخرى بندكتوس السادس عشر، وقد هللت وسائل الإعلام الغربية على أساس أن الكنيسة الكاثوليكية أخيراً اعترفت بنظرية التطور والانفجار الكبير، وفى مصر أحد الأقطاب السلفية، ولأنه يجب أن يعلق على أى شىء وفى أى شىء، أقحم نفسة فى الموضوع متهماً البابا فرنسيس بالإلحاد وأنه يعمل لهدم الكنيسة الكاثوليكية وعقائدها، وقد رفض المكتب الصحفى للكنيسة الكاثوليكية الانزلاق والرد عليه. وإليكم بعض الحقائق: فى لقاء قداسة البابا فرنسيس مع أعضاء الأكاديمية المذكورة سلفاً حول «مواضيع متطورة عن الطبيعة» أكد قداسته على ما تعلمه الكنيسة منذ عقود وهو أن الله ليس «ساحراً» ولكنه الخالق الذى خلق الحياة وهو مصدرها، وقال قداسته: «تطور الطبيعة لا يتعارض مع الخلق، لأن التطور يتطلب خلق مخلوقات تتطور»، والمطلعون على تاريخ الكنيسة الكاثوليكية يعلمون أن هذا التعليم ليس بجديد، فالبابا بيوس الثانى عشر أصدر رسالته Humani Generis فى عام 1950 التى أكد فيها ألا تعارض بين التطور والإيمان الكاثوليكى. وقد أكد ذلك من جديد القديس البابا يوحنا بولس الثانى عام 1996، موضحاً أن التطور هو أكثر من «فرضية»، كما أن البابا بندكتوس السادس عشر، وهو الذى كان يدعو إلى إعمال العقل حتى فى الأمور الإيمانية وعدم السقوط فى الغيبيات، قد دعا عام 2006 لمؤتمر حول «الخلق والتطور»، وقد صدر عن المؤتمر كتاب لمن يريد الاطلاع عليه. كل ما سبق لا يبدو أنه يهم الإعلام الغربى، ولكن كل ما يهمه هو الفرقعات الصحفية ولىّ الحقائق، وللأسف من صحف ومجلات معروفة عالمياً مثلما كتبوا عن أن الكنيسة الكاثوليكية تتجه لزواج المثليين، بينما الكنيسة قالت إنها لا تدين، بل تدعو لهؤلاء بالرحمة، نفس الشئ عندما دعا البابا يوحنا بولس الثانى لإلغاء عقوبة الإعدام، فهو كان نصير «الحق فى الحياة».