صار إدمان المخدرات متهماً رئيسياً فى مصر وعاملاً مشتركاً فى معظم الجرائم التى تهز ضمير الرأى العام، بداية من حوادث الطرق وانتهاء بجرائم الاغتصاب مروراً بالتحرش والقتل والسرقة... إلخ. أرسل د. إبراهيم مجدى، استشارى الطب النفسى، رسالة دقّ فيها ناقوس الخطر قائلاً: لو أخذنا الاغتصاب كمثال نجد أن دراسات كثيرة وأبحاثاً ومسحاً واستطلاعات فى الولايات المتحدة وأوروبا حول خطر الإدمان وعلاقته بالاغتصاب، منها ورقة بحثية قام بها قسم الطب الشرعى فى جامعة أمستردام فى هولندا عام 2012 عن الربط بين جرائم الاغتصاب وتعاطى المخدات، أثبتت الدراسة أن حوالى 40% من المغتصبين أو المتحرشين، وعددهم 187، لديهم تاريخ فى تعاطى المواد المخدرة، وأكدت الدراسة أن هؤلاء الأشخاص يجب علاجهم، وأن كل مغتصب يجب فحصه نفسياً ومعرفة تاريخه المرضى المتعلق باستخدام المخدرات. ولقد زادت معدلات جرائم الاغتصاب فى مصر فى الفترة الأخيرة بنسبة رهيبة، ولكن أغلب الإحصائيات عن جرائم الاغتصاب غير دقيقة، نتيجة لتكتم الضحايا وتحفظهم، بجانب أنه لا يوجد ما ينص فى القانون المصرى على الفحص النفسى الشرعى للمغتصب أو المغتصبة، ولكن مع رصد بعض الحالات التى تناولها الإعلام نجد أن جزءاً من اعترافات المغتصبين أنهم تعاطوا المخدرات قبل حادثة الاغتصاب، لكن ما هو التفسير العلمى خلف هذا الارتباط؟ التفسير العلمى لارتباط المخدرات بالجريمة، وخصوصاً الاغتصاب، أن الكحول والمنشطات، مثل الأمفيتامين وأدوية تنتمى إلى الأفيون مثل الترامادول، تجعل الشخص أكثر جرأة واندفاعية وعنفاً وعدم قدرة على الحكم على الأمور، وهذا أثبتته دراسات حديثة عن طريق استخدام رنين المخ الوظيفى الذى يرصد نشاطات المخ ومراكز الإدراك واتخاذ القرار والذاكرة ومراكز المشاعر، خلاصتها أن متعاطى المخدرات يحدث له خلل ويقل نشاط اتخاذ القرار والذاكرة والمشاعر فى المخ بجانب قياس المواد فى المخ المسئولة عن اتخاذ القرار والشعور بالفرح مثل الدوبامين والسيروتونين. وُجد انخفاض ملحوظ فى المدمنين مما يجعلهم يلجأون إلى العنف بسبب مزاجهم الحاد والمتقلب، وهذا ثابت من خلال صور مقارنة لمخ شخص مدمن للكحول مقارنة بشخص متعاف فى دراسة أجريت عام 2001 فى أحد مراكز أبحاث النيوروبيولوجى فى ولاية أريزونا. لذلك أوصت رسالة ماجستير قام بها إبراهيم مجدى حسين، استشارى الطب النفسى عين شمس عام 2010 تحت إشراف أستاذ دكتور علاء سليمان وأستاذة دكتور عبير محمود من أساتذة الطب النفسى وأستاذ مساعد دكتورة مروة سلطان، وكانت الرسالة تحت عنوان «أوجه التداخل بين الطب النفسى الشرعى والإدمان»، بضرورة عمل تقييم وفحص نفسى شرعى للمغتصبين وضرورة عمل سجون خاصة فقط لمرضى الإدمان بها مصحات لعلاج الإدمان حتى يتم التقليل من انتشار الجرائم المتعلقة بالإدمان من اغتصاب وعنف وحوداث طرق، وأوصت بوضع تشريعات واضحة متعلقة بالجرائم التى ترتبط بإدمان المخدرات وتجديد قانون المخدرات المصرى لعام 1989 وإضافة مصطلح الإدمان فى القانون المصرى، حيث لا يوجد تعريف واضح له كمرض يحتاج إلى علاج. وليس سوء سلوك فقط.