بعد مشاهد الذبح البشعة التى راح ضحيتها 21 مصرياً مسيحياً من غلابة سمالوط، بعد أن تحول البحر إلى أمواج دم، وبعد أن جُزت الرؤوس ووُضعت على الجثث، بعد أن غرست الضباع الهمجية أنيابها فى لحمنا وكرامتنا وعرضنا، بات من الضرورى أن ننتقم للدولة المصرية والهيبة المصرية. وحسناً فعلت القيادة المصرية بضرباتها الجوية التى ستتيح الفرصة لقوات ليبيا البرية أن تتعامل مباشرة مع هؤلاء الوحوش المجردين من أى إنسانية أو دين بعد تهجير المصريين من مناطق الخطر الملتهبة هناك، المهم أن هذا القصف الجوى لا بد أن يسايره بالتوازى، وفى نفس الوقت، قصف فكرى وفقهى على قواعد فكر التكفير الذى يُسمى «السلفية الجهادية» التى أفرخت لنا كل هذه التشوهات والرزايا من «داعش» و«القاعدة» حتى «أنصار بيت المقدس» و«أجناد مصر»، وبالطبع يقف «الإخوان»، كبيرهم الذى علمهم السحر، على قمة تل الجماجم والأشلاء. وعندى سؤال بسيط: كيف نتوجه بالقصف على داعش ليبيا فى نفس الوقت الذى تستقبل فيه لجان الترشيحات الانتخابية أعضاء حزب النور؟! ولمن لا يعرف ويجهل الأساس الفكرى لحزب النور السلفى نذكّره ببعض الأفكار التى كانت هى الوقود الفكرى والزاد الفقهى لداعش وأشباهها لكى يعرف أن ما تفعله داعش التى وجهت رسالتها لأمة الصليب هو حصاد تلك الأفكار السلفية التى نريد استضافة أصحابها فى برلمان مصر.. المنظرون لحزب النور وفقهاؤه أفتوا بعدم جواز تهنئة النصارى، والاحتفاظ بالكراهية القلبية عند الاضطرار للتعامل مع أهل الذمة الذين هم مواطنون من الدرجة الثالثة عليهم، عند تمكن هؤلاء السلفيين، أن يدفعوا الجزية وهم صاغرون، هؤلاء السلفيون هم الذين تزعموا فتن كاميليا ووفاء وقادوا مظاهرات استعادتهما وكأنهم يطالبون باستعادة أينشتين وبيل جيتس اللذين سيعتز بهما الإسلام!! هل هى مصادفة أن تطالب داعش ليبيا بنفس طلبات هؤلاء السلفيين المصريين؟! الاستنفار فى الجو والبحر والبر ضد داعش ليبيا وترك داعش مصر تمرح فى أرجاء المحروسة بل تتمكن من رقبتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً هو عبث وتضييع وقت ومجهود بلا طائل. القصف الجوى يحتاج إلى قصف فكرى وفقهى ليست فيه أنصاف حلول أو مناورات أو طبطبة، لا يمكن أن ندين داعش فقط وهناك كتب تفسر «المغضوب عليهم والضالين» التى نصلى بها ونرددها 17 مرة فى اليوم وفى الفروض بأنهم اليهود والنصارى!! لا يمكن أن ندين داعش وهناك أفكار تقول إن المسيحيين لا يولون كمدير أو وزير أو رئيس على المسلم، لا يمكن أن ندينهم وننسى من منحهم الضوء الأخضر من خلال نصوص تقول إن الله جل جلاله الذى علمنا أنه «لا تزرو وازرة وزر أخرى» يحاول هؤلاء إقناعنا من على منابرهم بأن الله سيضع مكان كل مسلم فى النار واحداً من هؤلاء المواطنين من الدرجة الثالثة ليشوى لحمه بدلاً منه وفداء له!!... إلخ، مكتبة هؤلاء السلفيين تفتخر دائماً بشتيمة وسباب أحمد ديدات والشيخ كشك وفتاوى برهامى والحوينى المكفرة والمحرضة على المسيحيين وكأنها الإلياذة والأوديسا ويتعاملون معها على أنها من عيون الأدب العربى!! منابر الزوايا انتشرت فى كل أرجاء مصر كروتين أسبوعى ويومى أحياناً من إهانات وطعن واستفزازات للمسيحيين من خلال الخطباء الذين يصعدون إليها بمكبرات الصوت التى توزع قنابل النابالم الفكرية على البيوت الكسولة الفقيرة التى لا تمتلك أى مناعة ثقافية بل تحركها غريزة القطيع التى يغذيها هؤلاء بفتنة الدين وبحجة الحفاظ عليه من الصليبيين!! القصف الجوى يحتاج إلى قصف فقهى وفكرى، وحل الأمور لن يبدأ إلا بحل «النور».