نشرت الـ«نيويورك تايمز» تقريراً مطولاً عن إسلام يكن، ذلك الشاب مفتول العضلات المرفه خريج المدارس الفرنسية، الذى تجاوز العشرين بسنتين، والذى تحول إلى أبى سلمة بن يكن الداعشى المتفاخر المتباهى بصورته بجانب الرأس المقطوع على جثة مذبوحة فى سوريا!! سيناريو هذا التحول كارثى وتفاصيل هذا الانقلاب تقرع كل أجراس الخطر وتتحدى علماء الاجتماع الذين يعزون الظاهرة إلى الفقر والجهل فقط، فها هو مراهق من حى مصر الجديدة ينتمى إلى عائلة مستورة دفعت له مصاريف مدرسة فرنسية فخمة حتى تخرج وهو يحلم بأن يكون مدرباً للياقة البدنية، صاحب علاقات نسائية متعددة يتفاخر بها أمام أصدقائه، فجأة يتحول إلى مجاهد داعشى يجز الرؤوس ويبتر الأطراف ويأكل الأكباد ويهدد فريقاً إعلامياً بالذبح ويهيم على وجهه فى الأحراش والصحارى أشعث الشعر أغبر الوجه كالمجاذيب!! القصة كما رواها الأب الباكى الذى يعيش فقط لتجفيف دموع الأم المكلومة، والأصدقاء المندهشون من تغير صديقهم الدراماتيكى، الحكاية كما رويت منهم تستحق دراسة أطباء الأمراض النفسية ومسئولى الدولة وهيئات التعليم ووزارة الشباب والأزهر ومؤسسة الرئاسة.. إلخ، باختصار المجتمع كله لا بد أن يتوقف بالقراءة والتحليل لهذه القصة حتى لا تُستنسخ ونجد ألف إسلام يكن يولدون كل يوم من رحم المجهول، القصة بها تفاصيل كثيرة ولكنى سأتوقف عند بعض الإشارات والمفاتيح التى ستساعدنا على فك شفرة هذا التحول ومعرفة الـ«باسوورد» والاطلاع على الكود السرى الذى سيفتح لنا صندوق إسلام يكن الأسود. البداية مع داعية يؤجج إحساس الذنب عند الشاب ويلعب على وتر الجنس لدى شباب لم يعرف دمج الحب فى علاقته مع الطرف الآخر، شباب اختزل الحب فى أداء ميكانيكى جسدى بارد ينتهى بانتهاء هذا التلاحم والالتصاق، لحم مقابل لحم وليس عاطفة مقابل إحساس، غرق فى نوبة ندم حاد وهو يستمع إلى الداعية السلفى الشهير وهو يخبره أن مجرد إرسال رسائل الحب زنا!! لم يرسل إسلام يكن رسالة لهذا الداعية ليسأله لماذا يغير هذا الداعية زوجاته بإيقاع أسرع من تغيير جواربه؟! ولماذا لا يستعين فضيلته بالصوم لكبح رغباته وهو متزوج من أربع يطلق منهن واحدة كل فترة؟! تزامنت هذه الدروشة تحت راية هذا الداعية مع وفاة صديقه فى حادث سيارة، تصاعد إحساس الندم والذنب والحزن المركب ليدخل يكن فى جب العزلة العميق الذى تحول إلى كتلة كراهية للمجتمع كله الذى تحول بالنسبة إليه إلى شماعة يسقط عليها كل مفردات فشله العاطفى والاجتماعى والنفسى والدراسى.. إلخ، ثقافة سطحية جعلته صيداً سهلاً فى خضم أحداث الترويج لمرسى بشعارات تكفير الدولة وانتظار المخلص الإخوانى لتطهيرها ثم تزييف وعيه بأن هذا الوطن وهذا الشعب ناكر للجميل لأنه رفض الإسلام ممثلاً فى الإخوان الذين قدموا أنفسهم على أنهم الدين والفئة الناجية والأيدى المتوضئة، فى هذا الفرن الإخوانى المحموم تم صهر سبيكة إسلام يكن الذى لا تندهش حين تراه فخوراً بالذبح والدم والأشلاء.