انتصرت الإرادة المصرية فى 1973 وتحققت نبوءة شادى الذى سارع بتسجيل هذا الانتصار بفيلم «جيوش الشمس» الذى يقاطعه التليفزيون المصرى منذ ما يزيد على ربع القرن رغم أنه أفضل فيلم مصرى عن الحرب، وأتمنى أن أعرف من مسئولى التليفزيون سبب هذه المقاطعة!! ولأن شادى مدمن صدق فنى فقد رفض تضمين فيلمه تلك اللقطات المزيفة للمعارك التى تزدحم بها الأفلام المصرية والتى استُعير معظمها من فيلم فيتنامى يُدعى «معركة الجسر»، وأخرج فيلماً صادقاً بلا معارك لأنه للأسف لم تسجل معارك أكتوبر الحقيقية، وسرعان ما عاد شادى لأرضه الحبيبة أرض الفراعنة فأخرج فى عام 1982 فيلم «كرسى توت عنخ آمون» واستعرض فيه مراحل الترميم الدقيق لتلك القطعة الفنية الفريدة التى تتكون من 31 قطعة صغيرة «عاشق ومعشوق»، ونجح شادى فى أن يكون العاشق وفشل فى أن يكون المعشوق، ثم أتبعه بفيلم «الأهرامات وما قبلها» 1984 الذى يمتد منذ ما قبل التاريخ حتى نهاية الأسرة الرابعة، متضمناً هرم زوسر بسقارة وسنفرو بدهشور وبالطبع خوفو وخفرع ومنكاورع، وانتهى قبل وفاته بأربعة شهور من فيلمه «رمسيس الثانى» ذلك الحاكم المهيب الذى حكم مصر 67 عاماً، واستعرض فى هذا الفيلم سيد المعابد «أبوسمبل»، وكان لهذا الفيلم قصة، فقد سمع شادى من مرشدة سياحية تشرح للأجانب وتقول «رمسيس الكاذب»، فعنّفها ووبّخها وأخذ يشرح هو للسياح حقيقة ذلك الحاكم، وقرر بعدها أن ينتقل إلى دائرة أوسع ويحكى للعالم كله قصة رمسيس الثانى والحضارة المصرية. ظل شادى طيلة هذه السنوات متشبثاً بحلمه «إخناتون»، خمسة عشر عاماً يكتب وينقح ويرسم المشاهد والديكورات والإكسسوارات، ويرصد أدق التفاصيل ويخرجه على الورق، حتى الممثلين كان قد اختارهم، فقد اختار محمد صبحى فى البداية، ثم الشاعر أمل دنقل، إلى أن استقر على أحمد مرعى وسوسن بدر، وقد حاول جودة السحار أن ينتجه القطاع العام وفشلت المحاولة، ثم عرض المخرج محمد سالم أن ينتجه ولكن مقاييس الربح والخسارة وقفت حائلاً ضد إنتاجه، ومات شادى صريع السرطان ومات معه حلمه صريع السكتة التجاهلية، فالزمن ليس زمن إخناتون المتمرد على عبادة آمون، ولكنه زمن سماسرة الفن عبدة البنكنوت وكهنة البيزنس، فنم مطمئناً يا شادى، فنحن عباقرة التحنيط وأول ما نحنطه هو أحلامنا وأحلام من يعشقون تراب هذا الوطن.