أثارت المقالة التي كتبتها بعنوان «المسيحى هو كمان من حقه يبقى طبيب نسا» ردود فعل كثيرة، البعض قال إنها فتنة، والبعض أنكر، والبعض استنكر، والأغلبية أمسكت العصا من المنتصف، ومنهم د. جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، فقد أقر بأن قسم النساء والولادة في قصر العينى خالى الوفاض من الأطباء المسيحيين، ولكنه لم يشر إلى السبب الأساسى، وهو الموقف العنصرى الذي اعتمد على وهم كبير، وهو أن مؤسس القسم د. نجيب محفوظ باشا كان يضطهد المسلمين، وكان غرضه تعقيم النساء المسلمات، انتصر الفكر المتزمت المتأسلم على بعض الآراء المستنيرة التي توارت وخفت صوتها. قال د. جابر نصار في برنامج مانشيت: «ييجى لى الأول على الكلية بس، ولو كان مسيحى هعيّنه فوراً»، وأطمئن د. جابر بأن هذا المسيحى لن يكون الأول وسيقصقص ريشه أساتذة النساء في الامتحان وسيسألونه أسئلة من قبيل «قول لنا أسامى الستات اللى دخلوا العمليات من سنة 1920»!! ولو عرفهم حيسألوه هما ساكنين فين؟!! أرسل لى أستاذى د. محمد أبوالغار شهادته ورأيه في هذه القضية التي كان شاهداً عليها. يقول د. أبوالغار: «العنصرية البغيضة ازدهرت في العقود الماضية التي سيطر فيها تيار الإسلام السياسى على مقدرات وعقول الكثير من المصريين، وللأسف الشديد فإن العنصرية أصبحت موجودة في كل مكان حتى في الأوساط الأكاديمية التي من المفروض أن تكون بتفكيرها وعقلانيتها بعيدة كل البعد عن ذلك. من المعروف أن جميع أقسام أمراض النساء والولادة في جميع الجامعات المصرية لا يوجد بها عضو تدريس مسيحى، وذلك لسببين: الأول أن هناك تمييزاً واضحاً من بعض الأساتذة في الامتحان الشفهى ضد المسيحيين، مما يحرمهم من الحصول على مركز متقدم في امتحان البكالوريوس، وحتى الذين يحصلون بصعوبة على مركز معقول يمكّنهم من الحصول على وظيفة نائب، يخافون من سوء المعاملة واحتمال عدم النجاح في الدراسات العليا، وربما يقوم البعض بإدخال الرعب في قلوبهم إن هم فكروا في ذلك. وخلال عملى منذ 1969 كمدرس في طب قصر العينى تم تعيين نائب واحد مسيحى، وقد حاولت طمأنته ومساعدته بكل الطرق، ولكنه طفش إلى كندا. هناك حلول سريعة لهذه المشكلة والموجودة أيضاً في أقسام أخرى، ولكن ليس بنفس الحدة، وهى إلغاء جميع امتحانات الشفهى واستبدالها بامتحانات حديثة بأرقام سرية. إذا تم ذلك سوف ينعدل حال نتيجة الامتحانات ليس فقط لصالح الأقباط وإنما أيضاً الفقراء والذين ليس لهم ظهر. وهو أمر من الصعب جداً تطبيقه، لأن كم المستفيدين من وجود امتحان شفهى في كل مراكز القوى خارج وداخل الجامعة كبير جداً. أما الأمر الأصعب فهو التخلص من العنصرية بكافة أشكالها عند المصريين، وهو أمر مستحيل في ظل الأفكار القاتلة التي يبثها الإسلام السياسى في عقول وقلوب المصريين. وبالمناسبة نجيب محفوظ باشا هو أول رئيس مصرى لقسم النساء، وأنا لم أعاصره لأنه أحيل إلى المعاش قبل أن أولد، ولكن تاريخه العلمى معروف داخلياً وعالمياً، وأبحاثه منشورة في كبريات المجلات العلمية في ذلك الوقت، ومتحف نجيب محفوظ في قصر العينى مازال مادة تعليمية متميزة للتدريس للطلبة».