رحم الله شهيد الواجب النائب العام هشام بركات الذى راح ضحية خسة وندالة ووضاعة وسفالة عصابة نكبت بها مصر فى أحلك فترة من تاريخها، واحتراماً لقرار حظر النشر فى قضية اغتياله سأناقش قضية مهمة أثارتها هذه القضية بعيداً عن الملابسات الأمنية والسياسية، ألا وهى الملابسات والتداعيات الطبية، قفزت علامة استفهام ملحة إلى ذهنى، وهى: هل أطباؤنا مؤهلون للتعامل مع ما يسمى إصابات الانفجارات أو الـ Blast injuries والتى تختلف تماماً عن إصابات الرصاص أو الرشاش أو الطعن أو حتى الحرق، وتحتاج إلى مهارات خاصة؟.. أعتقد أننا فى أمس الحاجة الآن لتعلمها، فكما أن الحاجة هى أم الاختراع، فالطب أيضاً وتقدمه هو ابن تغير الظروف التى تلح على الاستجابة والمرونة وتجبر الأطباء على اختراعات جديدة وأساليب طبية وجراحية مختلفة، فالحروب العالمية هى التى منحت الطب تقدماً فى التعامل مع كسور العظام التفتيتية والجروح التهتكية الغريبة التى لا تشاهد إلا فى الحروب.. إلخ، وأيضاً قدمت للعالم تقدماً هائلاً فى تقنية التعقيم ومنع تلوث الجروح التى كانت تودى بحياة الجنود، إذن علينا أن نتعامل بجدية ونعترف بأن خبرتنا الطبية خاصة فى المستشفيات غير العسكرية قليلة فى علاج إصابات الانفجارات، وأنه يجب على المستشفيات العسكرية إرسال بعثات أكثر للحصول على دكتوراهات فى هذا المجال، وعلى كليات الطب المصرية إدخال هذا التخصص فى الجراحة وفرضه على بعض دارسى الدكتوراه، لتكون رسالتهم فى إصابات الانفجارات، وأتمنى أيضاً أن يسارع د. عادل عدوى بوضع بروتوكول واضح وصريح ومرتب لكيفية تعامل أى طبيب مع إصابات الانفجارات، خطوة واحدة ثم اثنتان وثلاث وأربع.. إلخ، ينفذها أى طبيب يتعامل مع الحالة من إسكندرية إلى أسوان، ولا يترك الوضع والقرار للمزاج والعشوائية والتخبط، فمن الممكن فى إصابات الانفجارات بالذات نتيجة ضغط الهواء والخلخلة الرهيبة ألا يكون هناك خدش ظاهرى فى جسد الضحية وهو نفس ما حدث مع الشهيد عبدالمنعم رياض وأيضاً النائب العام، ولكن الجسد بالداخل يكون متهتكاً، المخ والكبد والأمعاء.. إلخ، نزيف داخلى كالنافورة، تثار أسئلة كثيرة تحتاج إلى بروتوكول محدد، بداية من التعامل الجراحى مع التهتكات حتى عدد أكياس الدم وفن ومهارة نقله حتى لا يتحول إلى جلطات تسد الأوعية الدموية أو إنهاك لعضلة القلب، وحتى فقدان السمع والتعامل معه، التحكم فى الوظائف الحيوية.. إلخ، المهم أن هناك كتاباً مهماً فى هذا المجال، والمدهش أنه من تأليف عالم مصرى يعيش فى أمريكا وهو د. نبيل السيد، يناقش هذا الموضوع بالتفصيل، يعمل مديرا لقسم علم السموم فى إحدى شركات الأدوية‏ فى نيوجيرسى بالولايات المتحدة، وكان باحثاً فى معهد الأبحاث التابع لمستشفى والتر ريد العسكرى الأمريكى، وترأس قسم كيمياء حيوية الرئة‏، وقسم أبحاث التنفس، وأبحاث الجروح الناتجة عن الانفجارات‏، هذا الكتاب أرسل لى د. نبيل صورة غلافه على الإيميل، وبحثت عنه ووجدته كتاباً عظيماً مفيداً جداً فى معلوماته، ويستعرض تجارب كل الدول من أمريكا إلى إسرائيل فى مجال التعامل مع إصابات الانفجارات. أرجو توفير هذا الكتاب فى كليات طب مصر ومستشفياتها العسكرية، وحتى يدخل هذا التخصص بقوة فى جامعاتنا مثل طب الأعماق وطب النوم.. إلخ، أرجو نقل أى شخص يتعرض لإصابات الانفجارات إلى أقرب مستشفى عسكرى.