أخيراً لقاح وفاكسين ضد الملاريا!! خبر يعد ثورة فى عالم المعركة الشرسة ضد مرض يقتل طفلاً أفريقياً كل دقيقة، الإعلان فى حد ذاته احتل صدارة نشرات الأخبار العالمية، رغم أن نسبة نجاح اللقاح مازالت حوالى 60%، إلا أن تلك الأبحاث التى استغرقت ثلاثين سنة بطيئة ومرتبكة، جاء العبقرى بيل جيتس بعصاه السحرية ليسرع دوران العجلة بشكل مذهل وكأنه يسابق سرعة الضوء، عندما قرر من خلال مؤسسته الخيرية التى تحمل اسمه واسم زوجته ميليندا تخصيص 500 مليون دولار لأبحاث الملاريا والإسهال والالتهاب الرئوى التى تقتل فقراء العالم، خاصة فى قارتنا السمراء، أعتقد أن الأهم من الكشف العلمى الرائع هو رجل الأعمال الأكثر روعة ورجل الخير الحقيقى، الذى أتمنى من رجال الأعمال المصريين أن يقتدوا به ويخرج من بينهم من يدفع نصف ثروته لتطوير لقاح ضد فيروس سى!! إنه بيل جيتس الذى يتصرف وفق روح العطاء وطبقاً لشعار «ما يزيد عن كفايتى وحاجتى فهو للعلم والخير والقضاء على المرض والألم فى العالم»، ويطبق حرفياً المثل المصرى الصميم الذى اخترعناه، ثم ركلناه: «الكفن مالوش جيوب»، خرج جيتس أغنى رجل فى العالم وعلَّم الكثيرين من رجال الأعمال والفن فى أمريكا وأوروبا الخروج مثله من قوقعة الأنانية والذاتية والتشرنق والعطش إلى المزيد من البنكنوت إلى دنيا العطاء والمنح والهبة الرحبة التى بلا سقف وبلا حدود، هو مقتنع ونقل إليهم تلك القناعة بأنه لن يسكن أكثر من قصر فى نفس الوقت ولن يركب خمسين سيارة فى الساعة أو يرتدى مائة بدلة فى اليوم، فهو يعرف جيداً أن الاكتناز ليست فيه أى بهجة أو متعة، إنما البهجة الحقيقية والمتعة المؤكدة حين ينتصر بالعلم والجهد والإرادة على مرض أو علة أو فقر، لو كان بيل جيتس مصرياً أو عربياً كان سيسارع إلى بناء كومباوند أو تجارة أراض وعقارات وبناء عمارات كل منها أسفلها زاوية للتهرب من الضرائب أو انتظار تحويل أرض زراعية الى أرض مبان بعد رشوة مسؤول، بعدها سيذهب للعب الروليت فى لاس فيجاس والاستمتاع بترانزيت المنطقة الحمراء فى أمستردام، ثم غسل الذنوب برحلة عمرة فخمة سبع نجوم فى رحلة العودة ليظهر فى إعلان تبرع خيرى يذل به أنفاس أهل منطقة عشوائية وهو يبتسم للكاميرات!! انظروا إلى جهات تبرع مؤسسة بيل جيتس وميليندا قبل أن تغرقوا فى نقاشكم المصرى العربى المزمن للإجابة عن سؤالكم المقدس الملح: هل سيدخل بيل جيتس الجنة ويستمتع بالحور العين؟ فهذه ليست قضيتى، إنما قضيتى هى أين تذهب أموال أغنى رجل على ظهر كوكب الأرض، والذى تتجاوز ثروته الاثنين وثمانين مليار دولار، والذى لو تحول إلى دولة باسم جمهورية جيتس لصارت رقم 84 فى قائمة أغنى بلدان العالم؟!! تبلغ أصول مؤسسته الخيرية 34 مليار دولار، وقد تحالف جيتس مع زوكربرج، مؤسس «فيسبوك»، على التبرع بنصف ثرواتهما فى 2010 ثم تجاوز جيتس وميليندا هذا الاتفاق والتحالف ووعدا العالم بالتبرع بـ 95% من ثرواتهما للأعمال الخيرية!! تعهدت مؤسسة بيل وميليندا جيتس بإنفاق 1.8 مليار دولار للقضاء على شلل الأطفال، كما يصف جيتس الملاريا باسم «الوباء المنسى»، ولذلك تعهد بتخصيص 258000000 دولار لبحوث الملاريا وتطوير لقاح ومكافحة البعوض، وتبرع جيتس بـ 10 ملايين دولار لتمويل الموز المعدل وراثياً والمعزز بفيتامين A، حيث إن الموز هو مصدر غذاء شعبى فى جميع أنحاء أفريقيا، لكنه يفتقر إلى العناصر الغذائية المهمة، بما فى ذلك فيتامين A الذى يسبب نقصه العمى، كما يؤثر على جهاز المناعة، وبعد انتشار وباء إيبولا، تعهد جيتس بتخصيص 5700000 دولار لتمويل التجارب فى محاولة لإيجاد لقاح أو علاج لفيروس إيبولا. هناك مشاريع أخرى من الممكن التعرف عليها من خلال موقع المؤسسة، وستجد أن النتائج مبهرة، ففضلاً عن لقاح الملاريا، هناك القضاء على شلل الأطفال فى الهند التى استجابت للحملة على عكس باكستان وأفغانستان اللتين مازالتا فيهما مناطق ترفض دخول أطباء حملة شلل الأطفال، بل تطاردهم نتيجة سيطرة طالبان التى تمنعهم، لأنهم يغيرون من مشيئة الله!! أخيرا استمعوا إلى هذه المحاضرة التى يلقيها بيل جيتس عن الملاريا وكيف سينتصر العلم عليها؟ https://www.ted.com/talks/bill_gates_unplugged?language=ar استمعوا وشاهدوا واحكموا وتأملوا كيف يتحول العلم إلى بلسم؟ وكيف أن الحياة تستحق أن تعاش بجد؟ وكيف للحلم أن يتحول إلى حقيقة وإلى وقود للبهجة واستمرار أحلام جديدة وولادة طموحات جديدة؟ كيف يتحول الذهب والبنكنوت إلى مقاومة للمرض والموت؟