تشرفت، يوم الإثنين، بحضور أولى جلسات مجلس إدارة مستشفيات قصر العينى بصفتى عضواً فيه، كنت بمثابة الضيف وكنت سعيداً بذلك، فرغم تخرجى فى هذا الصرح العريق، فإن حضورى كان بصفتى الإعلامية أكثر منه بصفتى الطبية، وبالفعل قصر العينى الآن يحتاج إلى دعم إعلامى ومادى كبير وضخم وهائل لكى يحتفظ بمكانته كأكبر وأقدم صرح طبى عربى، بل أكبر صرح طبى فى الشرق الأوسط، وإذا كنا نتكلم عن دعم هائل لمجرد الحفاظ على المكانة، فماذا عن التطوير؟! إذا كنا نحتاج ملايين لمجرد العيش والحياة والحفاظ على النبض، فمن المؤكد أننا نحتاج مليارات لرفع هذا المستوى المعيشى إلى أقصى درجات الرفاهية، الإدارة الجديدة لمستشفيات قصر العينى على رأسها شخصيات بتحب البلد بجد وتريد رفعة هذا الوطن بجد وبتشتغل بحماس، وعلى رأسهم عميد الكلية د. فتحى خضير، الذى طرح أفكاراً خارج الصندوق ورؤى مختلفة تفاءلت معها بمستقبل جديد لهذا الصرح الرائع الذى تربيت فيه وعرفت كل معانى الجدية واحترام العلم وقيمة الاجتهاد، استمعت لحجم المشاكل التى تعترض طريق تطوير قصر العينى من د. شريف ناصح أمين، الذى يدير منظومة وإدارة مستشفيات قصر العينى بمنتهى الانضباط والجدية، وهو بالفعل مكسب رائع لتلك المنظومة، المشكلة أن قصر العينى يحتاج دعماً ضخماً جداً جداً وليست لديه الصلاحيات القانونية لعمل حملات إعلانية مثل مستشفى 57357، ونزيف الأموال رهيب، والميزانية محدودة، والمهام متعددة ما بين التعليمى والعلاجى، ومطلوب من قصر العينى أن يظل شامخاً، واقفاً على قدميه، مؤدياً واجبه الوطنى تجاه الغلابة، كيف نفعل كل هذا والجيب فاضى وعلى فيض الكريم واليد قصيرة والعين بصيرة والحكومة ماشية بالزق والميزانية مخرومة والناس بتعانى؟؟؟... إلخ، لابد من تقديم دعم من خلال التبرعات والسماح بموارد أخرى لقصر العينى لكى يستطيع أن يسد بها هذه الثغرات والفجوات، بل هذه الكوارث والبراكين، أنا لا أبالغ وسأعطيكم مجرد أمثلة بسيطة لكى تلمسوا بالأرقام كيف يعانى ويئن قصر العينى، بند واحد وهو المستهلكات من خيوط وأدوات وخلافه لكم أن تتخيلوا كم يتحمل قصر العينى وينزف تحت هذا البند، مثلاً مستهلكات جراحة القلب 20000 جنيه للمريض، ونفقة الدولة تساعد المريض بخمسة آلاف فقط !! كتر خيرهم وعظيم وهايل لكن الخمستاشر ألف جنيه مستهلكات للمريض الواحد مَن الذى سيوفرها؟؟!! أنا لم أتحدث عن أجر جراح أو تخدير... إلخ، هؤلاء يؤدون واجبهم فى قصر العينى للغلابة والفقراء من أبناء هذا الوطن ولا ينتظرون حتى كلمة شكر، لكن السؤال الذى يفرض نفسه نجيب منين؟! مستشفى طوارئ قصر العينى، وهو أكبر مستشفى طوارئ فى مصر، وهو عماد العلاج المجانى فى هذا الوطن، ويحول له من أرقى المستشفيات الخاصة التى تقبض عشرات الآلاف من المريض لكى تقبله فى فردوسها السبع نجوم، هذا الكيان الذى يتعامل مع الحالات الطارئة، والذى بأمر رئيس الوزراء لابد أن يستقبل الحالة بدون أى كلام عن قرش صاغ واحد، كيف يستمر فى تأدية عمله بهذه الملاليم، كيف تستمر العملية التعليمية فى كلية الطب التى يكلف فيها الطالب سنوياً الكلية 58 ألف جنيه لا يدفع منها إلا 180 جنيها مصاريف!!! هل هذا يُعقل؟! صحيح الدولة ووزارة التعليم العالى تدعمان العملية التعليمية، لكنها مثل قطرة الندى لعطشان هائم على وجهه فى الصحراء لمدة أسبوع، قطرة لا تبل الريق، بل تحسسك بالعطش أكثر وأكثر، قصر العينى يحاول بإدارة تنمية الموارد التى ترأسها الدينامو المتحمس د. علا رجب، أستاذ الروماتيزم بالكلية، يحاول أن يبنى بالجهود الذاتية ومن خلال الدعم والتبرعات، لابد للحكومة وللإعلام ولرجال الأعمال أن يقفوا بجانب هذه الإدارة وبجانب قصر العينى لدفع منظومة الصحة إلى الأمام، صدقونى إذا انهار قصر العينى فستنهار كل المنظومة الصحية فى مصر.