«اللى بياكل خنزير بيبقى شبه الخنزير لما يكبر»!!، عبارة سمعتها من مهندس مبرمج كمبيوتر شاطر جداً فى مهنته، سمعتها أثناء عزومة لم تكن تحتمل نقاشات ساخنة، لكنى لم أستطع إمساك لسانى وأعصابى لأننى بالفعل صُدمت أن يصدر هذا التخريف من شخص فى مثل هذا الذكاء المهنى وعلى هذه الدرجة من التعليم، احتدّ النقاش وطلب منى فتح جوجل لكى أشاهد شخصيات من آكلى الخنزير كيف تم تحول ملامحهم وأنوفهم وأعناقهم إلى هيئة الخنزير!، حاولت إقناعه لمدة ساعتين بلا جدوى وكانت الصدمة الكبرى والمفاجأة الكارثية أن بعض الحضور أمّن على كلامه ووافق على تشخيصاته وهلاوسه وضلالاته الخنزيرية!، بحثت عن مصدر هذا الكلام، فإذا بها حلقة شهيرة للدكتور زغلول النجار كان يتحدث فيها عن الإعجاز العلمى لتحريم لحم الخنزير https://www.youtube.com/watch?v=t7Sns-FcbIA، وذكر فيه هذه الأسباب وغيرها والتى اتفق فيها النجار مع بوتيك إعجاز علمى آخر هذا هو رابطه https://www.youtube.com/watch?v=Qz-wce_YfRg، المهم أن ما يقوله النجار وعبدالباسط مجرد كلام متهافت لا يصمد لمناقشة ساقط إعدادية، شاهد وانبهر بوسامة كلينت استوود وبراد بيت وألان ديلون، وهم من آكلى الخنازير!!، وبالطبع أشهر ما يُقال هو أن من يأكل لحم الخنزير يصبح ديوثاً لا يغار على زوجته، مثل الخنزير لأنه الحيوان الوحيد الذى يتمتع بهذه الصفة!، ولا أعرف جابوا الكلام ده منين وما هو المرجع العلمى الذى استند إليه هؤلاء فى مثل هذه الخرافات والتى إذا اتفقنا معها فكيف ستنتقل الصفة من المأكول إلى الآكل؟!، فإذا أكلت لحم أسد ستكون شجاعاً وإذا أكلت لحم غزال ستكون بطل سباق الجرى 100 متر... إلخ، وإذا تناولت باذنجانة سيصبح لون جلدك أسود، وإذا تناولت ديكاً ستصحو فجراً لتؤذن!!، بالإضافة إلى الأسباب العجيبة، مثل أن الطبقة الخارجية من لحمه لا تنزف دماً وأن فيها البولينا النجسة (لاحظ أن هذه البولينا هى معجزة بول الإبل فى موضع آخر) وأنه تسكنه دودة ليس لها علاج تسكن العمود الفقرى... إلخ. أولاً أنا لست هاوياً للحم الخنزير ولا ناوياً أن آكله ولا عاشقاً مغرماً بالمورتدله ولا أكتب هذا الكلام لأننى فى حالة انسحاب هستيرية طالباً جرعة حقنة لحم الخنزير!!، ولكن فى نفس الوقت أريد للناس أن تفهم أن تحريم لحم حيوان لا يعنى تحقير ودونية هذا الحيوان، ومحاولة البحث عن تفسير علمى خلف هذا التحريم محاولة مكتوب عليها الفشل المزمن، فتحريم لحم الحيوان ذى الظلف وتحليل ذى الظلف المشقوق لا يعنى أن الجمل والماعز أفضل وأرقى من الحصان والحمار، وكذلك تحريم لحم الخنزير لا يعنى أن نخرج فى مظاهرة التحقير والشماتة والكيد الطائفى التى اجتاحتنا فى زمن الدروشة والبحث عن تفوق من خلال نصوص دينية وليس من خلال إنجازات وإضافات علمية حقيقية، لحم الخنزير لا يمثل لى مشكلة شخصية لأننى لم ولن أتناوله، ولكن ليس لى هذا الموقف العدائى الرهيب ضد الحيوان نفسه، فأبناء جيلى يتذكرون الحصالة القديمة التى على شكل خنزير والتى كانت من مقتنياتنا المفضلة والتى اتهمنى بسببها مذيع يعمل باتحاد الكرة أننى خنزيرى الهوى!!، ومس «بيجى» كانت شخصية كارتونية محببة للأطفال وكنا نشاهدها دون أى عقد أو كلاكيع، ودراستى الطبية علمتنى أن أهم حيوان خدم الطب هو الخنزير، لأن نسيجه أقرب الأنسجة إلى الإنسان، ومن خلال هذه القرابة وهذا الشبه أجرينا عليه اختباراتنا المعملية قبل تجربتها على الإنسان، وأخذنا منه الأنسولين والذى هو من أفضل الأنواع قبل اكتشاف الأنسولين البشرى بالهندسة الوراثية، وكذلك الكالستونين لعلاج هشاشة العظام، ومن المحتمل جداً أن هذا الشامت والكاره عالم الإعجاز قد أهداه الخنزير صماماً فى القلب وأنقذ حياته وحينها لم يرفض لأن الشىء لزوم الشىء، وهو يعرف جيداً أن أفضل الصمامات تؤخذ من الخنزير وكلنا نتذكر أن عصابة الإخوان كانوا يريدون غلق مركز د. مجدى يعقوب بحجة استخدام صمامات الخنازير فى عملياته!، أحياناً «يتفذلك» البعض ويحاولون إلصاق كل الرزايا والخطايا الصحية بلحم الخنزير وأهمها الدودة الشريطية، والرد بسيط فإذا كان لدى الخنزير دودة التينيا سوليم، ففى البقرة التينيا ساجيناتا فلماذا لم يحرم البقر إذن؟!، وإذا كان الخنزير يتغذى على القمامة، فأتمنى أن يذهب الإعجازيون فى رحلة إلى حظائر الخنازير الخمس نجوم فى الخارج ليشاهدوا أنها تتفوق فى نظافتها على مساكن العشوائيات التى تعد بعشرات الآلاف فى بلادنا، ومن عاش فى الريف مثلى لابد أنه قد شاهد ماذا تأكل الدواجن وهى تسرح أمام البيوت، والتى أحياناً تقتات بالفضلات.. وهذا تعبير مهذب حتى لا تصابوا بالقرف!!. تحريم لحم الخنزير ليس اختراعاً إسلامياً، فالدين اليهودى حرمه، وفى سفر اللاويين والتثنية نقرأ عن الخنزير «من لحمها لا تأكلوا وجثتها لا تلمسوا»، ومن قبلهما الديانة المصرية القديمة التى تنكّر فيها ست على هيئة خنزير وهو يقتل حورس المحبوب، وفى الأساطير الكنعانية قُتل كبير الآلهة على يد خنزير برى، وكذلك قُتل الإله أدونيس. إذا كانت أفضلية الدين تُحدَّد بأسبقية تحريم لحم الخنزير فلا تلوموا من يخرج عليكم ويختار الديانة اليهودية أو الفرعونية أو الكنعانية بسبب إعجازها العلمى فى تحريم لحم الخنزير!، ونرجو من الله أن يغفر لنا الصورة التى يرسمها خطباء المنابر له كمنتقم من البشر بأنفلونزا الخنازير، والتى ينتقصون بها من قدسيته وجلاله وعدله، أستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.