الإخوان لا يتم احتواؤهم لشدة احتيالهم!، هم مستعصون على الاحتواء، يعيشون بشعار: «أعطنى صباعك آكل دراعك»!!، هذا هو الدرس الذى لا بد أن نتعلمه من تونس، ظل البعض من النخبويين الذين يتبنون مبدأ الخنوثة السياسية يصرخون: تعلموا من تونس، عندما استوعبت الإخوان واحتوتهم ظهرت طيبة الإخوان وحسن تعاونهم، وكمية «الكيوت» والحنان والسماحة التى «تدلدق» من تحت جلودهم، لتروى ربوع تونس الخضراء بالخير والنماء، ظل هؤلاء يتناولون ترامادولهم الفكرى ويعيشون غيبوبتهم السياسية، إلى أن برزت أنياب الضبع الإخوانى ثانية، وخدشوا بأظافرهم جسد تونس حتى نزف الدم من أشلاء اللحم الممزق، ولأن الغباء صفة إخوانية أصيلة، وأنيميا الإبداع مرض مزمن يسكن تلافيف أمخاخهم، فهم يكررون السيناريو نفسه بنفس أخطائه الإملائية، بداية من حرق بوعزيزى إلى ترديد نفس الشعارات، والحقيقة لسنا فى احتياج لقراءة هذا السيناريو التونسى، لنعرف أن احتواء الإخوان خرافة، ومصالحتهم وهم وأسطورة، لسبب بسيط، وهو أن تاريخهم الإرهابى الإقصائى الملىء بالخيانة أقدم فى مصر بكثير، فنحن فى مصر النبع والأساس والمهد منذ 1928، وقد أخطأنا بل اقترفنا الخطايا حين توهمنا فى يوم من الأيام أن الإخوان يمكن احتواؤهم، لذلك كان من الأولى أن نتعلم من دروسنا مع الإخوان بدلاً من أن ننتظر نتيجة مدرسة تونس الابتدائية لم ينجح أحد!!، احتواهم الملك وأرادوا تنصيبه خليفة للمسلمين وأطلقوا عليه لقب «حامى المصحف»، وجعلوا من صنيعته إسماعيل صدقى نبياً ملهماً، صادق الوعد، مذكوراً فى القرآن، هاتفين «واذكر فى الكتاب إسماعيل»!!، ثم قتلوا الخازندار وأحرقوا ممتلكات اليهود، هادنوا «الوفد»، ثم قتلوا «النقراشى»، حاول عبدالناصر احتواءهم فى البداية، فاحتفظ بجماعتهم استثناءً بعد شطبه لكل الأحزاب، وعيّن منهم وزيراً وصار سيد قطب صوت الثورة المتطرف المداهن المنافق، الذى يطالب بإعدام العمال، ومنهم خميس والبقرى ويقول لا لعودة الثوار إلى الثكنات، ثم يطلقون عليه النار فى المنشية، يأتى السادات، فيدللهم ويدلعهم ويخرجهم من السجون، ويدعو مرشدهم للجلوس فى الصفوف الأولى فى المناسبات الرسمية متوهماً أنهم سيريحونه من صداع اليسار، إلى أن التهموه هو شخصياً فى عرسه الأكتوبرى، يترك لهم «مبارك» الشارع بمدارسه ومستوصفاته ومنابر مساجده لقاء غض البصر عن الفساد وتمرير التوريث، فدبّجوا قصائد مدح فى الأب الحنون والابن الوريث، ثم طالبوا بإعدامه فى ميدان التحرير!!. الدرس المصرى أقدم من الدرس التونسى وأكثر بلاغة ووضوحاً ودلالة، ولكن بعض المثقفين لا يقرأون التاريخ ويستخدمون مراجعه «ورق كلينكس» ويتعامون عامدين عن دلالات دروسه التى يقدمونها لنا أول سايز يعبئونها ببضاعتهم الفكرية الرديئة، من يقول لك لا بد من تجربة احتواء الإخوان، يكون ردك أنت تتكلم عن الاحتواء، وكأننا لم نجربه، يا صديقى لقد جربناه مراراً وبلعنا الحصرم والشوك من أجل عيونهم لعلهم يمنّون علينا باعترافهم بالوطن لا الخلافة، فكان ردهم: «طظ فى مصر واللى جاب مصر، وأن يحكمنا أفغانى إخوانى أفضل من مصرى غير إخوانى»، أو كافر بمفهومهم، فهم ليسوا إسلاماً بل هم الإسلام، هم الفرقة الناجية، هم تنظيم الله المختار، ولذلك مهما حاولت احتواء الإخوان دوماً ستصطدم بسقف الفكرة، الذى لن يسمح لك برفع رأسك، والالتفات إلى أى فكر مختلف، لذلك إذا لم ترغبوا فى التعلم من درس مصر القديم، فعلى الأقل تعلموا من درس تونس الحديث.