ما حدث فى معرض الكتاب الذى أقيم فى مدينة الشيخ زايد منذ أربعة أيام هو كارثة ومصيبة بكل المقاييس، تخيلوا معى فى معرض الكتاب الذى تشرف عليه هيئة الكتاب التابعة لوزارة الثقافة المصرية تلقى محاضرة لإثبات أن الأرض لا تدور حول نفسها ولا حول الشمس وأنها ثابتة وأن هذا مثبت فى القرآن كنوع من الإعجاز العلمى! ألم يكفنا تخريب عقول المصريين والعرب والمسلمين المنظم الممنهج الذى قام به د. زغلول النجار طيلة ربع قرن من خلال مقالاته فى الأهرام وبرامجه فى التليفزيون وندواته فى الجامعات والجوامع وجمعياته التى التهمت ميزانيات تتفوق على ميزانيات دول كاملة! ألم يكفنا أننا استيقظنا على كارثة اسمها جهاز الكفتة المعالج للإيدز وفيروس سى، التى تبجح مكتشفها ونصب على عقول وطن بأكمله بمقولة إن الجهاز الكفتجى إياه تم ذكره فى آية قرآنية اكتشف إعجازها العلمى د. زغلول؟! هذه المرة المكتشف اللوذعى هو كابتن طيار اسمه نادر جنيد، سورى الجنسية، ومحاضرته الرهيبة العجيبة التى ألقاها فى معرض الكتاب الذى من المفروض أنه قد أقيم للتنوير، هذا هو رابطها www.youtube.com/watch?v=D7gDJqb88Oo أريد أن أفهم يا دكتور يا رئيس هيئة الكتاب، أريد أن تفسر لى يا وزير الثقافة كيف سُمح لهذا الشخص بأن يلقى هرتلاته ويعرض بضاعة نصبه ودجله اللاعلمى على الناس ويلعب فى أمخاخ الجمهور بهذا الشكل المخجل المهين؟ من الواضح أنكم قد سهلتم له مهمته التخريفية، بدليل أنه شكر إدارة معرض الكتاب فى بداية الفيديو، وبدليل كل هذه الآلات المرتبة على المائدة بعناية والكرات الأرضية المرصوصة بكل إتقان ونظام، التى من الواضح أنها قد أخذت وقتاً فى تنظيمها وتنسيقها، وأنه كان مرحباً به ومدللاً أيضاً، وكمان كان فيه مصور وأيضاً فيه من يسمح لهذا المصور بالتصوير لنشر هذا الكلام العظيم الذى سيقلب تاريخ الفيزياء رأساً على عقب، والذى لم ينتبه له كل علماء الفيزياء والفضاء وجمعيات دراسة الفلك على مدى كل هذه السنوات منذ جاليليو حتى الآن، طبعاً لا بد من النشر حتى تعم الفائدة وحتى لا يغضب بن باز فى قبره، وهو الذى أصدر نفس الفتوى فى نهاية السبعينات بل كفّر القائل بدوران الأرض! نداء إلى الأستاذ حلمى النمنم، الصديق العزيز، يا ريت تعين سيادتك السماك الذى كان فى مسرحية السكرتير الفنى رئيساً للجنة الفيزياء والفلك والثقافة العلمية فى المجلس الأعلى للثقافة، لأن وجهة نظره تتماشى مع وجهة نظر وزارة الثقافة فى عدم دوران الأرض، بدليل أنه لا يمكن أن يكون محل السمك فى باب الشعرية فيصحى المعلم الصبح يلاقيه فى روض الفرج! وهكذا بهت جاليليو الذى كفر وأنكر ثبات الأرض فى كتبه وعرّض نفسه للسجن! هذا الشو الكوميدى الذى قدمه هذا الكابتن واغتال فيه سمعة معرض كتاب وهيئة كتاب ووزارة ثقافة المفروض أنها تقيم مثل هذه الفعاليات لتنوير أمخاخنا وليس لإظلامها وتبويرها وتصحيرها وتحنيطها بمثل هذه الترهات والتحشيشات التى مكانها الطبيعى مستشفى العباسية وليس معرض الشيخ زايد، نغتال العلم ونغتال معه الدين أيضاً حين نحاول اختراع هذا الربط المتعسف ونطلق عليه إعجازاً علمياً، نحن نهين العلم ونهين قبله الدين والقرآن الذى يستخدمه هذا الكابتن المحتفى به لإثبات أطروحاته التى تنتمى لعالم الدخان الأزرق، أليس فى وزارة الثقافة رجل رشيد يحذركم وينبهكم؟ ألم يكن هناك أمن يطرد هذا الشخص بل يقبض عليه ويضع فى معصميه الكلابشات بتهمة الازدراء، أم أن كلابشات الازدراء لم تخلق إلا لإسلام بحيرى فقط؟! يا سادة عقل مصر اُختطف ومهمة وزارة الثقافة الأولى هى استعادة هذا العقل وليست المشاركة فى اختطافه وتغييبه!