هل عندما تقول كاتبة بحجم نوال السعداوى إن الايمان ضمير، وهى قد تعلمت هذا الدرس من أبيها تكون قد ضلت وخرجت عن الصراط المستقيم وتُمنع مقالتها فى الأهرام؟!، هل ما زال هناك من يعيش على ظهر هذا الكوكب، مقتنعاً بأن الأفكار من الممكن أن تُمنع وأن تحجب وتصادر؟!، يجب وضع هذا الشخص المقتنع فى مكان من اثنين، إما الخانكة أو الأنتكخانة!!، لذلك سأضع اقتباسات من مقال د. نوال السعداوى، الذى يستحق الاهتمام والنشر وليس المصادرة والمنع، وعندما تختلف معه، عليك الرد والحوار وتفنيد الأفكار، كتبت د. نوال: منذ طفولتى أتطلع إلى الفضاء، أحاول رؤية العفاريت التى أسمع أنها تختفى هناك، وكانت عيناى، رغم نفاذهما، لا تريان إلا النجوم بالليل، والعصافير بالنهار. لأول مرة فى حياتى سمعت كلمة «الله»، تخرج من فم جدى (والد أمى) مشوبة بنكهة تسميها جدتى مشروبات روحية، تمط بوزها فى وجه زوجها وتهمس فى أذنى: جدك لا يعرف الله ويضيع الفلوس على النساء والخمر، ولم يكن جدى الآخر (والد أبى) يختلف عن والد أمى فيما يخص النساء والمسكرات، لكنه مات قبل أن أولد، لحسن حظى، وسمعت عمتى تقول إن جدتى أطلقت زغرودة ممدودة للسماء بعد موت جدى. أما أبى، فكان رجلاً مستقيم الأخلاق، لا يسكر ولا يخون أمى، وسمعته يقول إن الله هو الصدق والإخلاص والعدل والحرية والحب والجمال، وأنه كامن على شكل «الضمير الحى» داخل كل إنسان، رجل أو امرأة، دون تفرقة بينهما، هكذا أصبح الإيمان، فى نظرى، هو العدل والصدق والحرية والحب والجمال والمساواة بين البشر. واتهمنى المدرس فى طفولتى بالإلحاد، لأن إيمانى يختلف عن إيمانه، وكان يؤمن بأن الأولاد أفضل من البنات، ويرى الله على شكل حروف مطبوعة فى الكتاب، ثم يطلب منى حفظها عن ظهر قلب دون فهم، وفى يوم رآنى أكتب اسم أمى على كراستى بدلاً من اسم جدى، فطردنى من الفصل، وأصبح عندى الوقت لأقرأ الكتب خارج المقرر المدرسى لحسن حظى. أربعة مليارات من البشر (أكثر من نصف سكان الأرض) لا يؤمنون بأى دين، يعيشون فى الصين والهند واليابان، لا يسعون وراء الشهوات، بل وراء العمل المنتج المتقن، يتمتعون بكفاءة عقلية عالية، وثقة بالنفس كبيرة، جعلت بلادهم تتفوق على بلاد العالم. وأكثر من نصف الشعوب فى أمريكا وأوروبا، لم يرثوا الدين، ولم يلقن لهم فى المدارس، لكن تربى عندهم ضمير حى، منذ الطفولة، وإيمان بالعدل والمساواة والحرية والكرامة، يخرجون فى مظاهرات ضد حكوماتهم، أو ضد أى حكم ظالم مستبد فى أى بلد فى العالم. من كان يحلم باستخدام الإلكترونات للتواصل فوق كوكب الأرض فى زمن أقل من غمضة عين؟ ومن كان يتخيل الإلكترونات فى الفضاء، الذى كان فى طفولتنا مليئاً بالعفاريت؟، وإن أنكرت الطفلة وجود العفاريت وآمنت بأن الله هو العدل والمساواة والصدق والحرية والحب والجمال، فهل تكون ملحدة؟