قال الإمام محمد عبده فى دروس تفسيره، التى كانت تدون فى مجلة المنار «إن تعدد الزوجات محرم قطعاً عند الخوف من عدم العدل»، وقال أيضاً: «من تأمل الآيتين (يقصد فى سورة النساء) علم أن إباحة تعدد الزوجات فى الإسلام أمر مضيق فيه أشد التضييق، وإذا تأمل المتأمل مع هذا التضييق ما يترتب على التعدد فى هذا الزمان من المفاسد، جزم بأنه لا يمكن لأحد أن يربى أمة فشا فيها تعدد الزوجات، فإن البيت الذى فيه زوجتان لزوج واحد لا تستقيم له حال ولا يقوم فيه نظام، بل يتعاون الرجل مع زوجاته على إفساد البيت، كأن كل منهم عدو الآخر، ثم يجىء الأولاد بعضهم لبعض عدو، فمفسدة تعدد الزوجات تنتقل من الأفراد إلى البيوت، ومن البيوت إلى الأمة»، وانتقل محمد عبده بآرائه خطوة أكبر وأكثر صراحة حين أباح للمشرع إيقاف تعدد الزوجات، فقال: «أما جواز إبطال هذه العادة فلا ريب فيه.. لأن شرط التعدد هو التحقق من العدل، وهذا الشرط مفقود حتماً، فإن وجد فى واحد من المليون، فلا يصح أن تتخذ قاعدة، ومتى غلب الفساد على النفوس وصار من المرجح ألا يعدل الرجال فى زوجاتهم جاز للحاكم أو العالم أن يمنع التعدد مطلقاً مراعاة للأغلب، ولأن سوء معاملة الرجال لزوجاتهم عند التعدد، وحرمانهن من حقوقهن، ولهذا يجوز للحاكم والقائم على الشرع أن يمنع التعدد وفقاً للفساد الغالب «وأضاف الإمام سبباً قوياً آخر لم يكتب فيه أحد قبله، وهو العداء بين الأولاد من أمهات مختلفات ضرائر، وكيف أن هذا يؤدى إلى أحقاد، ويلقى الإمام فى النهاية بالفتوى القنبلة فى وجه الجميع قائلاً: «يجوز الحجر على الأزواج عموماً أن يتزوجوا غير واحدة إلا لضرورة تثبت لدى القاضى، ولا مانع من ذلك فى الدين البتة، وإنما الذى يمنع ذلك هو العادة فقط»، والسؤال لمعارضى منع التعدد هل محمد عبده بهذه الفتوى خرج عن الملة، وأنكر المعلوم من الدين بالضرورة؟!. من ابن جامع الأزهر محمد عبده إلى ابن جامع الزيتونة الطاهر الحداد الذى قال: «ليس لى أن أقول بتعدد الزوجات فى الإسلام، لأننى لم أر للإسلام أثراً فيه، وإنما هو سيئة من سيئات الجاهلية الأولى»، أما المفكر الإسلامى الثائر ابن السودان محمود محمد طه، فقد دفع حياته ثمناً لآرائه المستنيرة، ومن أهمها رأيه فى تحرير المرأة، فعندما أعدمه نظام نميرى فى 18 يناير 1985 كان هذا هو أعظم انتصار لغربان التخلف والمتاجرين بالدين، يقول المفكر الثائر الذى كفرته معظم العمائم فى العالم العربى «أما بالنسبة للمرأة المعاصرة المؤهلة للمساواة التامة مع الرجل، فإن العدل لا يقوم بالقسمة الظاهرية، وإنما يشمل حتى ميل القلب، لأنها كفؤ للرجل فيجب أن يعاملها بالتساوى معه وفى هذا المستوى فإن التعدد لا يمكن، لأن ميل القلب لا يتم بالقسط إلا مع الواحدة، وهذا التطور الذى حدث للمرأة وللمجتمع هو الذى أتى بزواج الواحدة وألغى التعدد، وهكذا يشرع فى تحريم التعدد إلا لدى ضرورات بعينها تلجأ إليه، وينص عليها القانون ويستأمر فيها الطرف المضرور بها»، وأظنكم تأكدتم معى كيف أن تغييب أصوات هؤلاء المستنيرين يتم لصالح قوى معينة هى قوى التخلف والكهنوت التى تتاجر فى تخلفها، وتعض على بيزنسها بالنواجذ، وتخشى أى صوت ينادى بالعقل وتنفيه، وللأسف فإن السلطة أحياناً تزايد على هذه القوى فى كثير من الأحيان، وتصبح طالبانية أكثر من الطالبانيين أنفسهم!.