رفض لاعب الجودو المصرى السلفى إسلام الشهابى مصافحة اللاعب الإسرائيلى بعد هزيمة المصرى 100 / صفر، يذكرنى بواقعة طريفة عندما حضرت ندوة مع أستاذى العزيز د.أبوالغار وأثناء تحيته المعتادة للحضور مد يده لكى يصافح أستاذة فى كلية الطب فسحبت يدها مذعورة وكأنها «أمسكت بسلك كهربا عريان»، كان ردها بصوت أخنف يحاول أن يتفاصح: «أنا لا أصافح»!!، ضحك د.أبوالغار قائلاً: «ده انتى زميلة بنتى، انتى نسيتى يا دكتورة إن أنا اللى ولدتك فى بنتك»!!، لمعت فى ذهنى جملة الفنان مدبولى «كل شىء انكشفن وبان»، بعدها هنخاف من تكهرب وفتنة رجل محترم كبّارة أستاذ نساء وولادة تجاوز السبعين من مجرد مصافحة امرأة فى سن ابنته، هل بعد لمس العورة نخجل من لمس اليد؟، وهل بعد كشف عورة تدهورنا العلمى والتكنولوجى وتفوقهم العلمى وتسولنا لتكنولوجياتهم التى من إبداع علمائهم نأتى فى مباراة جودو لنرفض مصافحتهم؟!، هل بعد ما انكشفنا وتعرينا علمياً وحصلنا على المركز 129 على العالم فى البحث العلمى بينما حصلت إسرائيل على المركز الأول فى خبر زفه إلينا العالم فى نفس يوم فضيحة مباراة الجودو، هل بعدها يحق لنا أن نتفاخر بتصرف أحمق أمام العالم وعلى الهواء مباشرة وفى مناسبة رياضية شعارها التسامح والأخوة؟!، الخلل الفكرى فى المجتمعات العربية الإسلامية كما أشرت مراراً تعدت جرعته المسموح به دولياً وتجاوز قاربه المياه الإقليمية للخيال، نعانى من مرض مزمن عضال اسمه التفكير بالتمنى ودونكيشوتية الانتصار بالمظاهر والطقوس، والمشكلة أن أعراض التحنط الماضوى والتخشب التراثى والتشنج الدينى والعصاب الفقهى لم تخففها كل جلسات الصدمات الكهربية التى تعرضنا لها، وجميع أوراق التحاليل والأشعات التى تثبت انخفاض مناعتنا الثقافية إلى الصفر وإصابتنا بأنيميا الإبداع وإيدز الابتكار وهبوط تصنيفنا فى مساهمات الحضارة إلى قاع الأمم، كل هذه الصدمات لم تنقذنا من هلاوس وضلالات التفوق الوهمى وتميز فرقتنا الناجية الأسطورية التى لا تفعل أى إنجاز على الأرض فى انتظار أن تكافئها السماء على أطنان الكسل المكدسة فى مخازن تخلفها، يضرب الصحفى منتظر الزيدى الرئيس بوش بالحذاء فنزغرد ونصفق وكأنه ألقى بالمنجنيق على التتار وننسى أن وظيفة «الزيدى» هى تغطية الأخبار وليس التمرين على رياضة رمى الصرمة! يعنى ببساطة لازم يتعاقب على إنه ماشافش شغله الصحفى الأساسى مش يبقى بطل ويتكرم!!، يرفض «أردوغان» فى «دافوس» مصافحة «بيريز» فنقيم الليالى الملاح ونلقبه بالبطل المغوار والسلطان الجبار ونتناسى انسحاقه أمام إسرائيل وأنه يزور بلد «بيريز» شخصياً ويوقع معاهدات أسلحة مع رئيس وزرائه!، بينما يذهب العالم المصرى الراحل أحمد زويل لزيارة إسرائيل التى حصل ستة من علمائها الذين يعيشون ويعملون فى إسرائيل على «نوبل» فيقيمون الدنيا عليه ويغتالونه معنوياً ويشنقونه بالرغم من معرفتهم الأكيدة أن عالم الكيمياء العالمى، اللى بجد، والذى ليس أقصى طموحه أن يصبح أمين معمل مدرسة إعدادى، مع احترامى لأمين المعمل، هذا العالم الكوزموبوليتان يشنق نفسه علمياً إذا قاطع علماء الكيمياء الإسرائيليين، لأن إسرائيل شئنا أم أبينا هى قمة العالم فى الكيمياء وأول رؤسائها كيميائى كبير كما نعرف جميعاً، نستورد أجهزة الليزر التى لا يوجد جهاز فى العالم إلا وفيه بصمة يهودية إسرائيلية، ونشترى أجهزة الكمبيوتر التى فيها قطع بذاتها مخصوصة تأتى من مصنع إنتل فى إسرائيل حتى أمريكا تأتى بها من هناك، للأسف تهزمنا فى العلم بكسر العين فنحرق لها العلم بفتح العين، ثم يأتى لاعب الجودو ليرفض مصافحة اللاعب الإسرائيلى فيتحدث التيار الإسلامى المسيطر على وسائل التواصل عن الواقعة وكأنها غزوة خيبر أو موقعة حطين ويتعاملون مع «الشهابى» الذى أوصلنا إلى القاع وكأنه «القعقاع»!!، متى نكف عن المظهرية الفارغة والعصاب الدينى والإصرار على دخول معارك التقدم والعلم والتحضر بسيوفنا الخشبية وأبوال بعيرنا الصفراوية وحبات بركتنا السوداوية وكراهيتنا المزمنة للآخر المختلف، نفسى مرة نكره تخلفنا ربع كراهيتنا لليهود؟!