كلما شاهدت الأولمبياد أزداد يقيناً بأننا كعرب ومسلمين نخسر، لأننا نحتقر العلم ونحتقر الجسد أيضاً، الجسد الذى عشقه فانٍ وبهجته نجاسة ومتعته رذيلة، للأسف نحن نعتبر الجسد مشكلة، بينما هم فى الغرب يجدونه حلاً، الجسد عندنا مقبرة تمشى على قدمين وكفن من لحم ودم، الجسد عندهم كنز انطلاق وتحرر وثورة وتمرد، ومعذرة إذا اعترض وتعلل شخص بأنه قد أصيب بالهياج الجنسى، لأنه قد شاهد لاعبة تنس أو راقصة باليه مائى أو بطلة مائة متر حواجز!! فهذه مشكلته من الممكن أن يحلها عند أى طبيب نفسى، ولا يجب أن نعيد صياغة الكون والعالم على مقاس هواجسه ووساوسه وعقده وكلاكيعه وفيروساته الاجتماعية، والسؤال الذى يفرض نفسه: ما معنى أن يركز لاعب كرة سلة أو كرة قدم على ارتداء الشورت الإسلامى حتى لا تظهر ركبتاه الفاتنتان أمام الجمهور تطبيقاً للشريعة؟، هل نحن بهذا الضعف والهشاشة حتى نهتاج ونثار جنسياً من صابونة رجل لاعب كرة؟، وما نوعية هذا الجمهور الشاذ الذى يترك الماتش لمراقبة شعر فخذ لاعب كرة؟، أنا فقط أقارن بين طريقة تفكيرنا وطريقة تفكيرهم، وسبب وكستنا ونكستنا وسبب ميدالياتهم وبطولاتهم، ليس التعرى أو التغطية هو السبب فى المكسب والخسارة، ولكنه المجتمع الذى يخطط علمياً لكل شىء، ولا يخلط الأمور، ولا تعتزل أفضل سباحاته، لأن هاتفاً جاءها فى المنام يصرخ فيها الغطاء قبل الفناء! ولا تهجر بطلات الجودو صالات الملاعب بسبب الإصرار على دبوس الحجاب الذى من الممكن أن يخزق عين الخصم، وهاهم أبناء بوذا يكسبون الجولة ويتربعون على العرش، ليس لأنهم كفرة، وليس لأنهم أصحاب ديانة غير سماوية، ولكن لأنهم أخذوا بالأسباب، وهى للأسف فريضتنا الإسلامية الغائبة، ومبدأنا المنسى وسط زحام الخرافات والشكليات والقشور، سأحكى لكم حكاية لتلخيص كيف نفكر نحن كمسلمين بطريقة التمنى ونصدق ما نريد تصديقه، القصة حدثت أثناء أولمبياد بكين عندما ارتدى السباحون والسباحات مايوهاً غطى منطقة الفخذين، صرخنا هنا فرحين وكأننا أحدثنا انتصاراً رهيباً، ها هو المايوه الشرعى قد فرضناه على الكفار، وها هو الإعجاز العلمى يتجسد فى حمامات سباحة أهل كونفوشيوس الملحدين!! وإليكم قصة هذا المايوه لتعرفوا أن أمخاخ مَن اخترعوه لم تكن تفكر على الإطلاق فى أوهامنا وأساطيرنا وعالمنا الموازى الخيالى الذى نجتر فيه هلاوس أحلام اليقظة، بدأ التفكير فى تصميم هذا المايوه بعد صمود الأرقام القياسية وعدم كسرها ويأس المدربين من إمكانية تحطيمها، ولذلك صمم باحثون بريطانيون هذا المايوه المسمى الـ«زد آر» أو «السبيدو»، ويمتاز «السبيدو» بأنه يغطى معظم جسد السباح، سواء كان رجلاً أو امرأة، وذلك لزيادة سرعة المتسابق بتقليل نسبة الاحتكاك بالمياه، والتى تقلل من قوة الاندفاع نحو الأمام، واستعان الباحثون البريطانيون ببرنامج كمبيوتر لمساعدتهم على إنتاج «مايوه» السباحة الأكثر سرعة، وشارك فى التصميم علماء من وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»، ومن جامعة أوتاجو فى نيوزيلندا، وبرغم اعتراض البعض على هذا المايوه الذى سيهدر مبدأ تكافؤ الفرص، فثمنه الباهظ 800 دولار سيجعل الحصول عليه صعباً من سباحى الدول الفقيرة وسيبعدهم عن حلبة المنافسة، ولكن كان الرد جاهزاً من أصحاب فكرة المايوه، وهو أنه مجرد وسيلة هامشية لزيادة السرعة وليس هو الوسيلة الوحيدة، ولا يمكن أن يغنى عن التدريب المبنى على أسس علمية، ثم كان الرد المزعج الذى يقول «وما له إذا كسبنا وفزنا بالعلم على من لا يزالون يفكرون بعقلية القرون الوسطى.. أليس هذا من حقنا؟!»، الرد من حقكم طبعاً لكن أليس من واجبنا أن نشد حيلنا بقى وندخل معاهم تراك حضارة العلم، أم أننا لا نزال مشغولين بعدد السنتيمترات الظاهرة من فخذ لاعب الكرة، وكيف أنها ستقوده إلى العذاب فى نار جهنم، لأنه فتن أهل عقيدته الورعين الأتقياء؟!