وصلتنى من رئيس مجلس إدارة إحدى شركات الأدوية العالمية فى مصر هذه الرسالة التى تدق ناقوس الخطر وتحذر من الكارثة على طريقة زرقاء اليمامة، فهل سنفعل مثل قومها ولا نصدقها فيجرفنا الطوفان ونذهب ضحية الإنكار، أم سنتدارك المصيبة ونستخدم العقل والمنطق ولو مرة واحدة؟! تقول الرسالة: أكتب إليكم بما عرفته عنكم من شجاعة فى الرأى وإخلاص وحب لمصر. أود أن أشرح لكم مشكلة سوف تؤثر تأثيراً خطيراً على مصر لا يعلم مداها إلا الله، هذه المشكلة تتلخص فى أنه بعد تعويم الجنيه المصرى ترتب عليه زيادة تكلفة تصنيع الأدوية تقريباً إلى الضعف، ومع ثبات أسعار الأدوية، لأنها مسعرة بمعرفة وزارة الصحة كما نعلم جميعاً، فسوف يترتب على هذا الأمر خسارة كبيرة جداً لا تتحملها أى شركة أدوية، وسوف يترتب على ذلك إغلاق جميع مصانع الأدوية تقريباً فى مصر تباعاً بعد نفاد الخامات التى لديهم بالأسعار السابقة لتعويم الجنيه. وللأسف الشديد صرح معالى وزير الصحة للإعلام بأن شركات الأدوية تتمتع بتحقيق أرباح لا تقل عن 400%، فلماذا يطالبون بتعديل أسعار الأدوية بعد تعويم الجنيه؟ بل يجب عليهم أن يتحملوا الآن ويشاركوا فى تحمل جزء من المسئولية تجاه المواطنين المرضى والمطحونين. نتج عن هذه التصريحات أن الجمهور المصرى اعتقد أن شركات الأدوية تحقق هذه الأرباح الخيالية فعلاً ولا يريدون المساهمة فى مشاركة الشعب فى أزمته الاقتصادية الحالية. هذه المعلومات المغلوطة وصلت أكيد للسيد الرئيس والإعلام كذلك، فأصبح الجميع مشحوناً ضد مؤسسات صناعة الأدوية فى مصر وهذا منافٍ للحقيقة. والحقيقة التى لا يعلمها الجميع أن صناعة الأدوية الآن تترنح بكاملها وسوف تغلق أبوابها تباعاً خلال أشهر قليلة. سيترتب على ذلك إغلاق جميع مصانع الأدوية وبالتبعية إغلاق الصيدليات؛ لأنه لن تكون هناك علبة دواء واحدة. كيف سيحدث ذلك ومن يستطيع أن يتحمل ذلك أو يتنبأ بتبعات إغلاق مصانع الأدوية؟ لو حدث هذا -لا قدر الله- سوف يفقد الآلاف من المرضى حياتهم وما تقوليش هزيمة 67 ولا أى نكسة أخرى تماثل هذه الأزمة. لو حدث هذا لا قدر الله، ونرجو ألا يحدث، سوف يطلب الرئيس عندما يعلم بهذه الكارثة إعادة هذه المصانع للعمل مرة أخرى ومنحهم السعر العادل لصناعتهم وهنا أيضاً سوف تزيد الكارثة لأن مصانع الأدوية إذا أغلقت وعادت إلى العمل لن تستطيع طرح إنتاجها فى الأسواق قبل 3 - 4 أشهر على الأقل، مما سوف يزيد الطين بلة، ومعناها أن تظل مصر دون علبة دواء واحدة لمدة عدة شهور. من يتحمل هذا ومن السبب فى هذا؟! هذا نتيجة تصريحات معالى وزير الصحة بأن شركات الأدوية تبالغ فى أرباحها مما انعكس على نفسية الجمهور وانطباعات الجمهور حتى إذا عادت وزارة الصحة الآن لتصحح هذا الوضع سوف يثور الجمهور حتماً، لماذا تجامل وزارة الصحة شركات الأدوية التى تربح أرباحاً خيالية؟ وذلك لأن معالى وزير الصحة خلق بتصريحاته وضعاً صعباً على وزارة الصحة حتى لو أرادت أن تتراجع وترفع الأسعار. الآن لو رفعت وزارة الصحة أسعار الأدوية فسوف تنفجر الجماهير غضباً على شركات الأدوية، وإذا لم ترفع وزارة الصحة أسعار الأدوية وبقى الحال كما هو عليه، فسوف تنفجر الجماهير غضباً أيضاً لاختفاء الدواء كلية من الصيدليات (وأى دواء) فما هو الحل؟ الحل فى رأيى يعتمد على خطوتين اثنتين: الخطوة الأولى: هى إبلاغ سيادة الرئيس بحقيقة الأوضاع دون رتوش أو تجميل. الخطوة الثانية: هى عمل ندوات فوراً لجماهير الشعب عن طريق مؤسساته أو ندوات خاصة لإخطار الناس بحقيقة الموقف وسؤالهم أيهما تختار؛ زيادة أسعار الأدوية المتداولة حالياً بأكثر من 50%، أو عدم توافرها كلية؟ أو ترك الأمر على ما هو عليه واختفاء الأدوية كلية بعد ذلك؟