فجأة رق قلب وزارة الزراعة على الحمار المسكين وانضمت إلى جماعة الراحل توفيق الحكيم للدفاع عن حق الجحش الغلبان المتحمل لجميع الأهوال فى موت شرعى حلال، فجأة طق ونفر عرق الورع والتقوى فى الوزارة التى خرج منها وزير سابق إلى السجن، نتيجة كثرة ورعه وفيض إيمانه الذى وصل إلى حد طلب الرشوة برحلات الحج له ولأقاربه!!، المهم أن الوزارة أجّلت صفقة تصدير الحمير المصرية إلى الأراضى الصينية، انتظاراً لرأى الدين الشرعى من خلال دار الإفتاء، وصرّح مصدرها الذى يشع نور الإيمان من زبيبة جبهته بأن «الوزارة تنتظر رأى دار الإفتاء المصرية فى تصدير الحمير الحية إلى الصين»، وأنهم يعدون حالياً مذكرة لاستطلاع الرأى الشرعى فى ما يتعلق بمدى مشروعية تلك التجارة، خصوصاً أنه من المعروف أن تلك الحمير ستُقتل فى الصين للحصول على جلودها!!، قال مسئول وزارة الزراعة جملته الأخيرة وهو يذرف الدمع الساخن على ما سيحدث لحميرنا فى بلاد بوذا وكونفوشيوس غير المتديّنة بالفطرة، فى نفس الوقت الذى فى أسفل نافذة مكتبه يرقد حمار مثخن بالقروح يضربه العربجى بالكرباج ليجر خمسة أطنان على عربية كارو فى مطلع طريق!!، أنا شخصياً أحب الحمار المصرى وتبكينى نظرته المنكسرة، لكنى أتساءل: ما هذا الهوس الذى أصاب المصريين فى طلب الفتوى عن كل ما هب ودب من الأمور؟، ما تلك الهشاشة الفكرية والكساح الثقافى والحول القيمى الذى أصابهم فباتوا كأطفال الحضانات وأجنة الأرحام، لم ينقطع حبلهم السرى بعد، يموتون لو انقطعت كهرباء حضانة الفتوى عنهم؟!، وصلنا إلى حد الهزل والعبث فى هذه الحالة من الاعتمادية المزمنة وفرمتة الأمخاخ فى طلب الغوث من دار الإفتاء أو داعية التليفزيون أو الزيرو تسعمية.. إلخ، لقد وصلنا إلى حد أن أشاهد وأسمع سؤالاً من امرأة تسأل الشيخ: هل خلع ملابسها أمام كلب ذكر حرام؟!، وتتوالى طلبات الفتاوى وكأنها أطواق النجاة لغرقى المحيط، من تهانى الأعياد للنصارى وتوصيل القساوسة إلى الكنائس بالسيارات إلى مشاهدة ميكى ماوس وقيادة المرأة للسيارة، مروراً بأكل الجراد وزرع صمام القلب المأخوذ من الخنزير وارتداء البوركينى وفرد الشعر بالكيراتين ولبس الباروكة وتغطية شحمة الأذن بالخمار وتكبير الثدى وتناول الفياجرا والنوم على الجنب الأيسر وممارسة الجنس مع زوجة مسيحية بحب وود، وحكم مسح الجرح بالكحول ووضع المانيكير على الأظافر.. إلى آخر حالة الهستيريا والفصام التى نعيشها بعد زمن النفط الدينى والمؤلفة جيوبهم من سماسرة الفتاوى ودعاة الفتنة، ويا ليت الفتوى توقفت عند حد شخص يطلب من شيخ وإنما هى للأسف دولة مغيبة متدروشة تطلب من دكاكين فتاوى تليفزيونية وبوتيكات نسخ إسلام وهابية!!، ولكم فى قانون زرع الأعضاء أسوة سيئة، ظل قابعاً فى أدراج البرلمان تلو البرلمان ربع قرن، ولم يفعل حتى هذه اللحظة، لأن الشيخ فلان قد أفتى والشيخ علان ما زال يفكر ويفكر، ومجمع كذا ما زال شيوخه يتناقشون، وهيئة كيت ما زالت تستطلع رأى الدين!!، والمرضى يموتون والفقراء يبيعون أعضاءهم والدولة مرتعشة تخاف أن تدخل جهنم أو يكنس عليها الشيخ فلان السيدة زينب ويدعو على وزرائها ومسئوليها بأن تشل أياديهم وترتخى نشوة أجسادهم ويصبحون بركة فى بيوتهم!!، أعتقد أنه قد آن الأوان لهذا الوطن الطفل أن يخلع «البامبرز» ويترك يد الأب ويقرر مصيره بنفسه وبدماغه وبعقله الذى تجمّد فى «فريزر» الفتاوى، بالطبع سيتعثر فى البداية وهو يحبو، لكنه حتماً سيستطيع المشى دون أن يستند إلى جدار فتوى معطلة أو مشاية كهنة معرقلة، كل مهمتها وفائدتها أنها تقوس ساقيه!!.