هل هى صدفة أن يتزامن عرض فيلم «مولانا» مع تفجير الكنيسة البطرسية؟ المشهد الأخير فى «مولانا» هو تفجير كنيسة بواسطة شخص تنصَّر فى البداية وأطلق على نفسه اسم بطرس، ثم اتجه إلى الطرف الآخر فصار تكفيرياً وفجَّر الكنيسة! المتطرف شخص هستيرى سهل الإغواء والانقياد والانتقال من ضفة تطرف إلى ضفة تطرف أخرى، الفيلم جاء فى موعده تماماً، ومتوقع خلق حالة من الجدل الصحى والحراك الفكرى حول معانى وحوارات هذا الفيلم، وهذا مطلوب بشدة، مطلوب تحريك المياه الراكدة حول معانٍ اختلطت فى أذهان المصريين مثل ثوابت الدين واتساع نطاقها حتى محيط الطقوس الشكلية، مثل أن كل «البخارى» صحيح 100%، الفرق بين السنة والحديث، تجارة الدين، التكفير، علاقة الأمن بالسلفيين، الخلافات بين رجال الدين أنفسهم وأثرها على تشويش الذهن الإسلامى، هل هناك إسلامات؟ الشيعة وكل هذا الكم من الكراهية وهل هم أعداؤنا الحقيقيون؟.. إلى آخر كل تلك القضايا المعلقة من ألف سنة، لقاء إبراهيم عيسى ومجدى أحمد على ليس مجرد لقاء بين كاتب ومخرج، ولكن بين اثنين من المثقفين المهمومين بنفس القضية، يحاولان الإجابة عن نفس السؤال ماذا حدث للعقل المصرى؟ الدروشة وانتشار ثقافة التكفير والمظهرية الدينية والصراخ بالطقوس، إن كان مشهد النهاية هو الذروة فإن مشهد الاحتفال بزواج البنت المسيحية التى دخلت الإسلام واعتبار انتقالها فتحاً مبيناً وانتصاراً مؤزراً يستحق الاحتفاء، الذى أقنعها بدخول الإسلام صيدلى فاشل فى مهنته لا يسعى إلى ولا يفرح باكتشاف دواء جديد قدر فرحه بدخول تلك البنت دبلوم التجارة إلى دينه وكأنها أهلى وزمالك!!، عمرو سعد ممثل رائع أدى دور عمره، خاصة مشهد النهاية، مفاجأة الفيلم الحقيقية هو الأستاذ رمزى العدل فى دور الشيخ الصوفى فى أول ظهور له، هناك مباشرة فى مناطق متعددة من حوارات الفيلم أثقلت كاهله بعض الشىء، إلا أن الأسئلة المطروحة فى الفيلم بقوة وجسارة ووضوح وعدم التباس تجعلنا نلتف حوله وندعمه، لأننا نحتاج مائة مولانا لكى نحافظ على صناعة السينما، وأيضاً على صناعة العقل المصرى النقدى الجديد، وأعتقد أنه بمثل تلك الأفلام سيتحقق تجديد الخطاب الدينى الذى نادى به الرئيس السيسى أمام شيوخ الأزهر، ولم ينفذ منه شىء حتى الآن، لدرجة أننا بدأنا نشك فى أن الدولة نفسها ليست جادة فى هذا التجديد.