من أجمل الأفلام التى أعشق مشاهدتها مرات ومرات فيلم Awakenings اليقظة أو الاستيقاظات، إنتاج 1990، وهو فضلاً عن أنه قمة مباريات الأداء التمثيلى للعملاقين روبين ويليامز، وروبرت دى نيرو، فهو فيلم به كم كبير من الشجن والإحساس والتأمل الفلسفى والمشاعر المرهفة، والأهم أنه رسالة ونداء إلى كل باحث وطبيب أن يطل من نافذة الروح والوجدان، كما يطل على نافذة الكيمياء والدواء، وكما قال روبين ويليامز فى نهاية الفيلم: «نعم، أغلقت نافذة الروح ولكن عند اليقظة فتحت نافذة الروح، وهى الأهم من أى دواء»، القصة باختصار مأخوذة عن قصة حقيقية، طبيب يتقدم لوظيفة فى مستشفى أمراض عصبية، لكنه كان قبلها باحثاً فى معمل على ديدان الأرض يدرس الغشاء المبطن للخلايا العصبية، متحفظاً فى التعامل مع البشر، يعمل مع حالات مستعصية كالتماثيل المجمدة، تعانى من التهابات فى المخ تجعلها فى غفوة تمتد إلى عشرات السنين، تأتيه فكرة أن يستخدم مركباً كيميائياً، «ال دوبا»، الذى استمع فى محاضرة عن فوائده لمرضى الباركنسون، يقرر استخدامه على المريض «ليوناردو» ليستيقظ من غفوته الطويلة، بالفعل يستيقظ «ليوناردو» ويستيقظ بعده باقى المرضى وتنجح التجربة، يحاول المريض الخروج، فتمنعه إدارة المستشفى، تظهر الأعراض الجانبية للدواء على هيئة تشنجات وتعود الغفوة ثانية، يعرف الطبيب أنه قد تعامل مع المرض لا المريض، تعامل مع ماكينة الجسم، لا نبع الروح، قاس جرعات العقار ولم يقس جرعات الحميمية والحب والتواصل، ركزت عيناه على تحسن الأعراض ولم تركز على تحسن الحياة، المريض «ليوناردو» لم تذهب تشنجاته إلا عندما احتضنته من أحبها وأحبته ورقصت معه، توقفت رعشة المرض برعشة الحب، الطبيب الذى يتعامل مع المريض على أنه مجرد ملف أو مستند أو رقم أو case، هو ليس طبيباً، وإنما ميكانيكى إصلاح موتور آدمى أو سمكرى شاسيه بشرى!، هو وكيل قطع غيار آدمية يصلح لصيانة هذه السيارة البشرية والموديل الآدمى، ولا يصلح لصيانة أوجاع الروح وألم النفس، فلنفتح مع نافذة الكيمياء كل نوافذ الروح، حتى تشرق شمس الحب والأمل والتفاؤل والحياة.