وصلتنى هذه الرسالة من مريضة مصرية مسيحية «م. ا» تعيش فى أمريكا، تتحدث عن تجربتها مع مرض السرطان هناك، وكيف أن التعامل الإنسانى والتلاحم العاطفى معها أسهم فى شفائها، أحببت أن أشارككم تجربتها الثرية، تقول الرسالة التى سأنقلها لكم بنفس لغتها العامية: «من تجربتى مع هذا المرض لمدة 10 سنوات اكتشفت أنه مهما تقدم الإنسان علمياً لا شىء إذا لم يتقدم إنسانياً وحضارياً، أعظم جهاز طبى إن ماكانش وراه إنسان، لا يساوى غير ثمن المواد الخام المصنع منها، خلال مدة مرضى معنوياتى مرتفعة جداً ويجوز أن هذا له تأثير إيجابى على حالتى، كل اللى باعمله إنى أتبع إرشادات الأطباء كأنهم أنبياء وأعيش أنا حياتى، لا تتخيل عدد قارورات زيوت القديسين والقديسات اللى أهداها لى الأقباط لعلاجى، طبعاً كل واحد ومعتقده، ولكن هذا الشخص إذا مرض أول شىء هيعمله أنه سيذهب للدكتور، صدقنى يا دكتور خالد أن المصرى المسلم والمسيحى واحد فى تغييب العقل والاعتماد على الغيبيات. أنا باعتبر نفسى إنسانة محظوظة، الدكتور إخصائى السرطان قال لى إن نوع السرطان اللى عندى بطىء جداً، هو كان بقاله 18 سنة إخصائى سرطان ولم يرَ حالة أن هذا المرض يظهر بعد سنتين، على فكرة هذا الدكتور مصرى خريج جامعة عين شمس، إنسان جنتل قوى، ثانى يوم من معرفتى أن عندى هذا المرض ذهبت الشغل وأنا فى حالة شبه الانهيار، زميلة أمريكية قالت لى أنا ماقدرش أعمل لك حاجة ولكن الشىء الوحيد اللى أقدر أعمله إنى أحضنك!، وفعلاً أخذتنى فى حضنها، تعالى نشوف صديقتى المصرية عملت إيه، علشان تهوّن علىّ قالت لى مش يمكن الجهاز بايظ أو الدكتور غلطان، شوف الفرق!، على فكرة أنا مهندسة يعنى زميلتى الأمريكية مالهاش فى الطب خالص علشان كده لقت أن كل اللى تقدر تعمله هو المساندة العاطفية، شوف بقى لو كنت سمعت للمصرية، كان ممكن أتكاسل فى العلاج أو ألف بين الدكاترة وأتحطم. مين عالم يمكن كان زمانى فى عالم تانى، الجراحة لما قابلتها تعاطفت معى وعملت العملية بعد 3 أيام مش 3 أسابيع وفى يوم راحتها، وكما ذكرت لك نوع السرطان اللى عندى بطىء الانتشار يعنى 12 يوم مش شىء كبير، أنا رأيت فيها صورة السيد المسيح اللى لم يرفض أى مريض، بل تعاطف معه وشفاه، أنا أرى فى معجزات السيد المسيح أنها كانت علشان يعلمنا الحب والتعاطف والرعاية وليس لإظهار القوة، وبالنسبة لأن الجراحة رفضت أن تعطينى الجزء المقطوع من القولون، تصورت لاستخدامه فى الأبحاث ولكنى لم أتصور أبداً أنه علشان يعملوا عليه أبحاث بعد 10 سنين ولى أنا فقط، طبعاً العلم تقدم كثيراً فى هذه الفترة. شىء آخر جميل لما زملائى فى الشغل تبرعوا لى من إجازاتهم علشان أستمر فى الشغل بدون أى نقص فى الدخل، المتبرعين كانوا من كل جنس ودين ولون ومفيش حد سأل عن أصلى أو دينى.. إلخ، علشان يتبرع لى، مفيش واحد أفتى بأن أغير الدكتور أو طريقة العلاج، مش عايزة أطول عليك.. فترة مرضى كانت مليئة بكل ما هو مؤلم وإنسانى، لا تتخيل مدى الآلام الجسدية والنفسية إللى شفتها، ولكنى باحاول أن أنسى كل شىء مؤلم، الشىء إللى لا يمكن أن أنساه أن عندى ابن مات بالالتهاب الرئوى ولم أستطع أن أراه خلال مرضه أربعة شهور فى المستشفى لأنى كنت باخذ الكيمو ومناعتى ضعيفة، وطبعاً هذا لسماعى إرشادات الدكاترة. أنا معك فى كل كلمة بتقولها، كل واحد له دينه بينه وبين نفسه. ولكن العلم مشاع لكل الناس».