تشرفت بدعوة د. سامح فريد، رئيس جامعة نيو جيزة، لى لإلقاء محاضرة ضمن منهج الإنسانيات فى كلية الطب، اشترك فى توجيه الدعوة والتنظيم د. لميس رجب، نائب رئيس الجامعة، ود. لمياء محسن، عميدة كلية الطب، اندهشت أولاً لرغبة جامعة خاصة فى تطبيق تلك التجربة الرائعة وإدماج علم النفس والفلسفة والفن فى منهج الطب، ثانياً لمست مدى الجدية فى صنع وصياغة طالب طب وطبيب مستقبل مختلف وعلى أعلى مستوى علمى وإنسانى أيضاً، تجولت فى المبانى المبهرة ليس لفخامتها فقط ولكن لفلسفة بنائها، فكل شىء هناك مكشوف، الكل يرى الكل، أنت ترى تفاصيل مكتب العميد والوكيل وكل المسئولين من خلف زجاج شفاف وحتى السقف زجاجى والسماء مكشوفة، ليست هناك سواتر وحجب وأسوار، الغرض كما لخصه لى د. سامح خلق طالب global citizen يشرفك فى أى بقعة فى العالم، منذ السنة الرابعة وهو يتدرب على المعادلة الأمريكية والإنجليزية، المنهج هناك ليس كما تعلمنا مواد مكدسة تشريح وفسيولوجى وباثولوجى، ثم ننهيها ولا نتذكرها فيما بعد، ثم نأخذ مواد أخرى وننساها وهكذا، لا، هم يدرسون بطريقة شاملة متكاملة تراعى الإنسان فى عمومه ككينونة متكاملة وليس كأعضاء منفصلة، انبهرت فى المحاضرة بمستوى الطلبة وتفاعلهم وذكائهم ونظرتهم للمستقبل، كانت المحاضرة عن السينما وإنسانيات الطب من خلال فيلم «باتش آدمز» للعبقرى روبين ويليامز، أبلغت إدارة الكلية الطلبة بميعاد المحاضرة قبلها وطلبت منهم مشاهدة الفيلم، تناقشنا حول المفاهيم الأساسية للفيلم، هل الطب تأجيل نهاية أم تجميل حياة؟، هل نحن نعالج مرضاً أم مريضاً؟، هل الألم والموت هو أقسى الأشياء أم أن أقسى الأشياء هى اللامبالاة؟، هل تريد أن تكون طبيباً أم ميكانيكى إصلاح بنى آدمين؟، هل يعود لفظ الحكيم إلى الطبيب ثانية؟، الطب هل هو فن أم حرفة ومصنعية؟، ما رأيك فى قول الرازى: «الطب ليس سهلاً إلا على الأحمق»؟، تحدثت معهم بعد المحاضرة، جميعهم معتزون وفخورون بأنهم أطباء، برغم كل الفرص المفتوحة أمامهم إلا أنهم يرغبون فى العمل فى وطنهم مصر، شباب مصرى جميل، هم مرفهون نعم، ولكن الرفاهية ليست جريمة، المهم أن إحساسهم بالمريض الغلبان موجود، وهذا ما يؤكد عليه أساتذتهم دائماً، ليس معنى أن تكون ابن عائلة ثرية ألا تحس بمريضك الغلبان، علمنى الزمن ألا أنخدع بالمظاهر فللأسف وجدت من الزملاء الأطباء أبناء العائلات الريفية البسيطة من ينصب وينهب الغلابة الذين تصورت أنهم سيكونون محور اهتمامه وعنايته. سعدت كثيراً بتلك الزيارة وأتمنى أن تتسع رقعة تعليم الإنسانيات ودمجها فى مناهج كليات الطب كما فعلت من قبل طب قناة السويس وتفعل الآن طب نيو جيزة.