فى الوقت الذى كان فيه الرئيس السيسى يدافع عن المرأة المصرية بكل حماس وصدق فى منتدى شرم الشيخ كان وجه المحامى الفاشى يطل على شاشة التليفزيون مدافعاً عن دعوته السافلة التى قال فيها إن اغتصاب صاحبة البنطلون المقطع واجب وطنى وقومى! ما الذى سينتصر فى الشارع.. هل كلمات السيسى الهامسة الهادئة المنطقية الإنسانية أم نداءات المحامى الصارخة القبيحة الوقحة؟! الانتصار والنجاح والغلبة ستعتمد على الوقود الذى يشعل والماكينة التى تدور والتربة التى تخصب وتنمى ويترعرع فيها هذا الفكر أو ذاك، وللأسف الوقود والماكينة والتربة الحاضنة لأفكار هذا المحامى وغيره وهم كثيرون بل أكاد أقول إنهم أغلبية، هى التفسيرات الدينية التى لا يريد المشايخ الاستجابة للرئيس بتغييرها، سيدى الرئيس آن أوان الأمر المباشر للتيار الرجعى بأن ينزاح ويخلى لنا طريق التحضر والحداثة، وبالطبع إنصاف المرأة المصرية على رأس أولويات تمهيد هذا الطريق ودخوله والسير فيه واقتحام أبوابه الموصدة، كفانا توسلات ورجاءات لرجال الدين وقد ذقنا الأمرّين من تحجرهم وتسلطهم فى قضايا المرأة بالذات، كفانا تبريراً منهم لقهر المرأة ونظرتنا الدونية لها، كفانا تبرئة ذمة وغسل ذنوب بتلك العبارة المشهورة التى يرددها بعض الرجعيين المتخلفين المنافقين الوهابيين المسيطرين، التى باتت كالأسطوانة المشروخة: «نحن لنا خصوصيتنا، نحن مجتمع محافظ»، ويا ليت وصف «محافظ» فى وعينا الجمعى يعنى الأخلاق واحترام خصوصية الغير، لكنه لا يعنى إلا شيئاً واحداً هو أننا مجتمع محافظ على رجعيته، محافظ على فاشيته، محافظ على تحرشه، محافظ على تحقيره للمرأة والتعامل معها على أنها مجرد زائدة دودية فى جسد المجتمع، محافظ على عدم قناعته بمكتسبات المرأة والتربص بها وتحيُّن الفرصة للانقضاض عليها. قبل أن نفرح بتعيين امرأة فى منصب محافظ أو وزير أو قاضٍ لا بد أن نسأل أنفسنا: هل فعلاً مجتمعنا المحافظ فرحان بجد بهذا الاختيار أم أن الفرح والاحتفاء يسكن مانشيتات الصحف ويقطن رطانات التوك شو فقط؟! مكتسبات المرأة التى تحدث بقرارات فوقية سرعان ما تخسرها المرأة، اليوم يتحين الرجعيون الفرصة للانقضاض على قانون الخلع والحضانة بحجة ظلمه للرجل، المزاج السلفى الذى بدأ يسيطر ويتغلغل ما زال يحاول إقناعنا بأن المرأة القاضية أحكامها عاطفية لا تخضع للعقل والروية وحكمة الرجال، ما زال يحاول إقناعنا بأن عملها وخروجها حرام وعبث وأن دورها الأساسى ينحصر فقط فى تربية الأطفال!! ما يهمنى تشخيصه ليس تعيين فلانة وزيرة أو علانة محافظة أو وزيرة كما ذكر الرئيس فى المنتدى وأكد على أن التمكين ليس بالوظائف، هذا جميل ورسمى وخطوة على الطريق، ولكن تلك الخطوة لا تأثير لها فى مجتمع غارق حتى أذنيه فى تحقير تاء التأنيث ورسم صورة ذهنية لها على أنها مجرد متاع وديكور ووعاء جنس ومصدر نكد وأداة إغواء ومغناطيس شيطان، ما يهمنى ليس الرسمى ولكنه الشعبى، ما يزعجنى ليس تعيينات البرلمانات أو المحافظات أو الوزارات، لكن ما يزعجنى هو الحوار المجتمعى الذى حدث على سبيل المثال فى قضيتَى الطلاق الشفوى وتعدد الزوجات، لم يحدث أى تقدم بل حدث مزيد من التقهقر فى كلامنا عن المرأة أثناء طرح هذه القضايا، مما جعلنى مندهشاً هل نحن نتناقش فى القرن الحادى والعشرين على مسافة مائة سنة من خلع صفية زغلول للحجاب وأكثر من نصف قرن على حق التصويت والترشح فى الانتخابات وتقلد الوزارة.... إلخ. فى قضية الطلاق الشفوى ركز الجميع، إلا من رحم ربى، على الحفاظ على الفحولة والذكورة وكلمة الرجل التى لا تنزل الأرض والتى لا تحتاج إلى شهود أو توثيق، «انتو كمان حتشككوا فى ذمة الذكر؟!»، وسخنت المناقشات ودُبجت المقالات وكُتبت المعلقات وأُحرقت ساعات برامج الفضائيات فى مناقشة تفاصيل الطلاق الشفوى من حيث كلمة الذكر وقسم الذكر ورغبة الذكر وعدم استحسان الذكر للتوثيق وهل هو طلاق مفرد أم ثلاثى من الذكر طبعاً؟!! وأيّد مجمع البحوث المكون من الذكور قرار هيئة العلماء المكونة أيضاً من الذكور الذى بالطبع لم يرضَ أن يخدش ذكورة الذكر ويطلب منه الامتثال للعصر وتطور الزمن وإنصاف الغلبانة التى اسمها المرأة، فهى ليست على البال أصلاً!! أما التعدد فهو لأن الرجل فسيولوجياً متعدد بالفطرة وطاقته الجنسية فياضة بركانية لذلك له سبعون حورية فى الجنة غير الزوجات والوصيفات، ماذا يفعل الرجل فى هذه الفحولة «المدلدقة» الأسطورية؟، ثم إن عدد الرجال سبحان الله (تكبيييير) أكثر من النساء لذلك أختى الفاضلة لا بد من تشجيع زوجك على التعدد بل يُستحسن أن تخطبى له كما صرحت وخرجت علينا إعلامية تعمل فى تليفزيون الدولة الذى هو من المفروض أنه يتبع الرئيس وفى الوقت نفسه يخالف رؤيته!!!، تقول، لا فض فوها، يا حبذا لو كنتِ شاهدة يا حرمة على عقد القران!!، أين حق المرأة فى كل هذا اللغط حول التعدد؟! لم نسمع عن رغبتها الفسيولوجية أو تضررها النفسى!! لم نتحدث عن حقها فى سبعين حورياً من الرجال للاستمتاع فى الجنة كالرجل، أستغفر الله العظيم!! لكننا نتحدث عن حقها على الأرض فى حياة كريمة مع زوج مخلص لا يعانى من أعراض التصابى والطفاسة وفراغة العين!! لذلك فالفرح بكلام الرئيس وبمكاسبها مؤجل حتى إشعار وشعور آخر.