هذا نداء إلى المطربة شيرين، صاحبة الصوت العذب والحماقة العذاب! نفس الحنجرة التى تعزف عليها شيرين أجمل الألحان هى نفس الحنجرة التى تلقى علينا وتبطحنا بها بهذا الكلام الدبش. لن أذبح شيرين لكنى أتمنى ألا يكون لسانها هو سكينها المسنون الذى تذبح به نفسها، أعشق صوتها، وشرائطها تستقر فى سيارتى، وأغانيها تطربنى. تغاضيت عن تصرفاتها السابقة مع زملائها واعتبرتها تفاهات صغيرة نتيجة الشهرة السريعة بدون تجهيز نفسى ودعم ثقافى وجهاز مناعة اجتماعى، لا يهمنى أن تخلع حذاء فى برنامج أو تنتقد زميلاً فى حفل زفاف، كل هذا من الممكن أن يمر ونمرره ونبلعه رغم مرارته وهيافته، لكن ما ارتكبته أخيراً فى حفلتها بلبنان هى حماقة لا تُغتفر فى حق بلدها أولاً ثم فنها ثانياً، طلبت منها معجبة لبنانية أغنية «ماشربتش من نيلها»، ردت شيرين: «حييجى لك بلهارسيا، اشربى مياه معدنية ايفيان أفضل»!! رد سخيف ثقيل الظل لا يحمل أى لمسة ظرف أو دم خفيف، وبه من الجلافة ما يكفى مجرة ويلوث محيطاً!! الفن إحساس، وروح الكوميديا غير الاستظراف ولا يملكها إلا مستويات معينة من الذكاء واللماحية وسرعة البديهة، أظن أنه لا يتوافر فيها، ما يغيظك ويفرسك ويصيبك بجلطة هو أن المتفرجة اللبنانية تعشق مصر ونفسها تسمع شيرين وهى تتغنى بنيلها وجماله، بينما الفنانة المصرية تسخر من هذا النيل وتتهمه بأن من يشربه سيصاب بالبلهارسيا!! وبغضّ النظر عن أننا قد اقتربنا من القضاء على البلهارسيا تماماً بعد معركة ضروس ناجحة وعظيمة، وبغضّ النظر أيضاً عن أن الشرب ليس وسيلة العدوى، فأن تقول أشهر نجمة طرب مصرية هذا الكلام فى بلد جار عربى، فهى إهانة لهذا البلد الذى صنع شهرتها والذى يتسابق إليه كل العرب ليتم تدشينهم كفنانين بعد أخذ الختم على باسبورهم الغنائى والتمثيلى، ولا أقبل تفسيرات مثل الجهل وقلة التعليم، فسعاد حسنى كانت غير متعلمة وعلمها إبراهيم سعفان وعبدالرحمن الخميسى الأبجدية العربية، لكن بالرغم من ذلك تصريحاتها كانت منضبطة لا منفلتة بهذا الشكل الشيرينى الزاعق، هل تتجرأ مطربة أمريكية وهى تغنى خارج حدود بلادها أو داخلها أن تقول للجمهور لا تهبطوا أمريكا ففيها مرض الإيدز؟! لم ولن يحدث، ولن أقول وأردد الكلام الكبير الضخم الرنان من قبيل الخيانة وتدمير السياحة وتحطيم السمعة ونشر الغسيل...إلخ، فالأمر لم يصل إلى تلك المرحلة، ولكن أقول: هذه دعوة لانضباط النجوم المصريين خاصة خارج الوطن، كل نجم أو نجمة هو سفير أو سفيرة بلا سفارة، يحمل السفارة فى حنجرته ولسانه وتصرفاته وسلوكياته، لا أطلب منه خطباً عصماء عن الوطنية وأفلاماً سياحية وبوسترات عن الوطن، ولكنى أطلب منه الرفق بهذا الوطن الذى يتلقى الطعنات ذات اليمين وذات الشمال، وقوته الناعمة هى فى إبداعكم وفنكم وعطائكم.