الخطوة التى اتخذتها جريدة «الوطن» بنشر التحقيقات مع «السنباطى»، قاتل القسيس على صفحتين، خطوة فى منتهى الأهمية، ولن تكتمل تلك الخطوة إلا إذا تمت دراسة تلك التحقيقات وتحليل مضمونها بواسطة مفكرين وعلماء اجتماع وسيكولوجى، ولو فعلاً نحن جادون فى محاربة الإرهاب، ولدينا الرغبة الحقيقية فى اجتثاث جذوره، علينا ألا نترك تلك التحقيقات تمر مرور الكرام، ما قيل فى التحقيق مرعب، ويشير إلى أنه تحت السطح الهادئ مستنقع من الأفكار التكفيرية الإقصائية المفزعة، عندما يجيب هذا السنباطى عن أن تفكيره «أسفر عن مقتل روح كلب من الكلاب»، فما هى الطبقات الجيولوجية العميقة التى أنبتت تلك الفكرة، وصنعت تلك العبارة الكارثية، ما الذى يجعله مقتنعاً بأن الكنيسة والخارجين منها لا بد من ضربهم بالطوب، يقول عن مبرر قتله لسمعان: «أنا كنت بضربه علشان هو كافر وبينشر كفره»!!، قلنا ألف مرة وكتبنا مراراً وتكراراً عن تأثير تلك الكلمة المقيتة «الكفر»، ودلالاتها المفزعة ودائماً يأتينا الرد من شيوخ الأزهر بالتشريح اللغوى ومعناها فى القاموس.. إلخ، ونصرخ: نحن لسنا فى درس نحو أو حصة بلاغة، نحن فى كلمة تحرق الأخضر واليابس، ولها دلالاتها المفزعة وتبعاتها المأسوية، لكن لا حياة لمن تنادى، «مليش علاقة بيه، كل اللى أعرفه أن اسمه سمعان وبيلم تبرعات للمسيحيين»، هذا هو المبرر الذى جعل مساعد الأمير يصدر أمره لسنباطى بذبح سمعان!!، «عملت له صليب على دماغه علشان أمثل بيه وبالكفر اللى بيعلمه»، هذه الفكرة الإقصائية والكراهية التى نعلمها لشبابنا من الرموز وأرتيكاريا الصليب وهستيريا الفزع من صلاة المسيحيين فى كنائس قرى الصعيد، وصمت المسئولين المخجل تجاه تلك التصرفات.. كل هذا ضخّم من كرة النار المعلقة فى ذيل النمر الراكض فى غيطان قمح أفكارنا، «كان بيشرب مخدرات واستروكس وبطل من سنة»، «كل مشكلته أن مفيش بنت كانت بتبص له، مع أنه كان بيشترى هدوم غالية وبيحاول لفت النظر، وكان دايماً بيقول لنا اشمعنى انتوا بتخرجوا مع بنات، وأنا لأ، وراح اشترى موتوسيكل مخصوص لأن البنات كانت بتبص للى معاه عربية يخرجها»، إنه الكبت الجنسى الذى يجعل من وعود الحور العين فى الجنة مفتاح نجاح تلك الجماعات والمغناطيس الجاذب للعناكب والعقارب والخفافيش الإرهابية، لا بد من دراسة تحليل مضمون التحقيقات مع سنباطى والمسمارى وغيرهما، يجب ألا تتحول إلى مجرد ملفات فى أدراج الأمن الوطنى أو النيابة العامة، لا بد أن تدخل إلى معامل علم النفس والاجتماع، لا بد أن تمدد تلك الأفكار على طاولة التشريح ويجب تشريحها وفحصها ومعرفة ما خلف سطورها وبذورها الجنينية، وإلا سنصبح كمن يحرث فى البحر، سطور تلك التحقيقات هى الكلاشينكوف الحقيقى والنابالم الأصيل، والسكين التى غرست فى أحشاء وقلب القس سمعان لن تكون آخر السكاكين، ما دام هذا الفكر السنباطى يتغذى ويترعرع وينمو، السنباطيون كثيرون والقاع مزدحم والمستنقع به عشرات الملايين من بيض الذباب الإرهابى.