ما يحدث للروهينجا فى ميانمار مأساة بكل معنى الكلمة، لكن المأساة الأكبر أن أتفاعل مع الإنسان الروهينجى، انطلاقاً من كونه مسلماً فقط، يعنى لو كان بوذياً أو مسيحياً فهو يستحق ما يحدث له، لأنه ليس من دينى أو مذهبى أو عقيدتى!!!، وهذه عنصرية وطائفية مقيتة تجعل ما أفعله من خير يُقاس فقط بالمسطرة الدينية الضيقة، وسؤالى البسيط المتواضع للشيخ عباس شومان الموجود فى ميانمار أو بنجلاديش يوزّع كراتين الخير على الأهل هناك، هل تحمّست وذهبت لإنقاذ الروهينجى لأنه مسلم أم لأنه إنسان؟!، وإذا كان الأمر كذلك بدافع وتحت مظلة الإنسانية الرحبة، فلماذا لم نجد الحماس نفسه يدفعك لزيارة اليمن وإغاثة أهله المعذّبين وأطفاله الأيتام حتى بدافع الاطمئنان على أهل الضحايا الذين ذبحتهم وجففتهم الكوليرا، التى انتهت من الدنيا، واستقرت هناك فى اليمن السعيد؟!، إنهم سواء كانوا حوثيين أو غير حوثيين، تدعمهم إيران أو غير إيران، كانوا يحتاجون كراتينك الغذائية والدوائية أيضاً؟!، لماذا لم تقم بإغاثة المهجّرين قسرياً من العريش لمجرد أنهم مسيحيون؟!، هل لأن الاغاثة لا تتم إلا للمسلم فقط؟، وإذا كانت للمسلم فقط، فهل ذهبت وربتّ على كتف عائلة الشيخ حسن شحاتة الذى تم سحله وقتله بدم بارد فقط لأنه شيعى؟، هل الإغاثة للمسلم السنى فقط؟!، أخاف أن نضيّق الدائرة لتصبح المسلم السنى الأشعرى فقط!!!، الإنسانية لا تعرف الحوثى ولا الشيعى ولا البوذى، لا تعرف إلا الإنسان، وإذا كان ردك لماذا لم توجه الاتهام نفسه إلى بابا الفاتيكان الذى حضر هو أيضاً لإغاثة الروهينجا؟، للأسف الرد ليس فى صالحك، لأنه يؤكد النقطة نفسها التى طرحتها، فهذا البابا قد جاء بالدافع الإنسانى لا الدينى، وبنظرة على بعثات الإغاثة الدولية ستجد فرقها تضم كل الديانات فى البوتقة الإنسانية، فمنها الهندوسى والبوذى والمسلم والمسيحى، فهل ستتحرك فضيلتك لإنقاذ مسيحيى نيجيريا مثلاً ممن تذبحهم «بوكو حرام» وتقطع رقابهم، «بوكو حرام» التى بالمناسبة مؤسسها شيكاو كان من تلاميذكم فى الأزهر وخريج كلية شريعة وقانون؟!، هل طرف لفضيلتكم جفن ومساجد الشيعة يتم تفجيرها فى العراق؟!، هل ذهبت بعثة من عندكم بواحد على ألف من تلك الكراتين لأسر ضحايا مسجد الروضة من متصوفين وغير متصوفين؟!، أنا لا أناقش تصرّفاً أو سلوكاً من الممكن طبعاً أن يكون خيراً فى ظاهره، لكننى أناقش الفكر الذى وراء هذا التصرّف، المنهج الذى يحكم هذا السلوك، منطق العصبية الدينية المذهبية الطائفية الذى يسكن أمخاخ ووجدان من يغيث، فالإغاثة على الدواقة، وبالتصنيف الدينى ليس إغاثة وإنما فرز على أساس الهوية، وإذا كنت تبحث عن حل يا شيخ شومان لأهل الروهينجا، فلا بد أن تسأل إذا كان الأمر كراهية بورمية للإسلام، فلماذا يعيش المسلمون الآخرون فى أمان مع جيرانهم البوذيين؟!، من حقك يا شيخ شومان أن تنتفض للروهينجا وتسافر إليها مئات الآلاف من الأميال، لكن من حقنا أيضاً أن نهمس فى أذنك «بئر العبد أقرب يا فضيلة الشيخ» و«اللى يعوزه البيت المصرى، يحرم ع الجامع البورمى».