أثارت التسريبات الأخيرة التى تحدّثت عنها «النيويورك تايمز والجزيرة» وغيرهما، ردود فعل كبيرة، كانت كزلزال سنعيش توابعه لمدة طويلة، وبغضّ النظر عن نسبة الحقيقى من المزيف والأصلى من المفبرك، فإننا أمام مشكلة كبيرة، وهى المناخ الإعلامى المرتبك الذى أفرز مثل تلك التسريبات، حتى لو كان الكثير منها من قبيل الفخاخ والمكائد، فالواضح الذى لا لبس فيه أن هناك بعض الإعلاميين الفاشلين، الذين يتمتّعون بقدر كبير من السماجة واللزوجة وعدم القبول، والأخطر هو الغباء المهنى، والذين للأسف محسوبون على النظام وتم تصديرهم على أنهم بوق له، وللأسف لم يقم أحد من داخل النظام أو من مؤسسات الدولة أو من المجلس الوطنى الأعلى للإعلام بنفى هذا الكلام أو فك هذا الاشتباك أو الالتصاق، ولم يعد صالحاً الآن بعد فوات الأوان أن نخرج إلى الناس ونقول هذا الإعلامى ليس بتاعنا ولا ينتمى إلينا، لأن الصمت والسكوت يعنى الموافقة والرضا فى عرف الخطوبة وفى عرف السياسة أيضاً، ومثال واحد فقط يوضح المسألة، بُح صوتنا كثيراً وكتبنا مراراً وتكراراً نُحذّر من تاجر أعشاب سمعته معروفة عند القاصى والدانى ويمارس الطب بلا شهادة طب ويصف وصفات طبية لا يوجد أى أساس علمى لها وتتسبّب فى مشاكل للمرضى الذين زيف وعيهم بهذا الهراء، وفوق هذا وذاك ليست له أى كاريزما ولا يملك تاريخاً إعلامياً حتى يصبح هذا الإعلامى الذى فجأة صار يُشار إليه بالبنان ولديه قنوات، بل تنسب جلسات النميمة الإعلامية قناته المهمة إلى جهاز مهم!!، معقول أن يكون هذا الشخص واجهتنا ثم نجىء لنلطم ونبكى على تسريباته!!، بل تضطر الدولة للدفاع عنه وتحويله إلى جيفارا وتحويل زميله فى القناة نفسها إلى مانديلا، وهو وزميله وغيره الكثيرون صاروا عبئاً، بل صاروا عاراً على الدولة وعلى الوطن وعلى النظام، لماذا يمضى بنا الحال الإعلامى إلى هذا المفترق الحساس الضبابى؟!، هؤلاء الفوتوكوبى من «عطارين الإعلام»، تلك النسخ المشوهة الزومبى، هؤلاء هم من ثقبوا سفينة الإعلام فكيف ندخلهم كابينة القيادة ونسلم لهم الدفة والبوصلة؟!!، سفينة الإعلام يكفيها حمولة الكوارث على ظهرها المنهك، لا بد من تخفيف حمولة البؤس الإعلامى ورتق الثقب وسد فتحته التى تتضخم يوماً بعد يوم، ماسبيرو ينهار، والكثير من القنوات الخاصة باع نفسه لسماسرة برامج تافهة، بل صارت معظم القنوات تصرف على نفسها وتقبض رواتب موظفيها من برامج دكاكين الدعارة الطبية الصريحة التى تبيع فيها القناة شرفها الإعلامى لأى طبيب حتى لو نصاب يبيع الوهم، لكن المهم أن تبيع القناة فترة الهواء للنصاب وتقبض ثمن هذا الدجل، كعكة الإعلانات تقلصت، اختفت الصناعة الإعلامية الثقيلة لصالح التفاهة والسماجة، لا يوجد برنامج علمى أو ثقافى أو أطفال أو وثائقى، كل مبرراتهم هى صنم الإعلانات!.