فى حوارى مع الكاتب والروائى الجزائرى الكبير واسينى الأعرج، تعمدت أن أبحر معه فى بحر الإسلام السياسى المتلاطم، خاصة أن تجربة الجزائر هى درس وعبرة وحالة تحتاج إلى تدبر وتشرب واستيعاب لكل من يريد أن يتعلم كيف يسيطر الإسلام السياسى؟، ولكل من يريد إجابة عن سؤاله الحائر: هل هناك ما يسمى بالإسلام السياسى المعتدل؟، ولكل من يسأل: هل تلك التيارات تؤمن بالديمقراطية حقاً؟!، تجربة العشرية السوداء التى راح ضحيتها ٢٠٠ ألف شهيد بخناجر وقنابل المتطرفين الإسلاميين هى تجربة مريرة وفريدة، هى أشعة مقطعية لوطن جريح تستطيع معها التقاط تفاصيل ودلالات خطيرة ومرعبة ومهمة ومعلمة من خلال البطون المبقورة والعقول المقهورة والأشلاء المبتورة والعيون المكسورة والوجدانات المنهكة والأرواح المغتصبة، الدرس الأول: عزل النخبة العلمانية الجزائرية المثقفة باسم التعريب والقومية والدين وضربها بعد الاستقلال، أدى إلى توحش التيارات الدينية التى استغلت الضائقة الاقتصادية فانتشرت كالسرطان فى خلايا المجتمع واكتسحت المحليات والمدارس والمؤسسات، الدرس الثانى: رهان السلطة الجزائرية على ما توهمته صوت الاستنارة والوسطية واستوردته من مصر معاراً وهو الشيخ الغزالى الذى خصصت له -فضلاً عن منصبه الجامعى- برنامجاً تليفزيونياً يومياً، فصار هو المشتل الرسمى لصبار الإرهاب المر، الدرس الثالث: اعتبر الجزائريون السلفيين عنصراً مختلفاً عن الإخوان، متوهمين أنهم من البيت للجامع ومن الجامع للبيت، فجأة وجدوهم جنوداً فى تيارات تهبط من الجبال ليلاً لتبيد قرى كاملة بأطفالها ونسائها، الدرس الرابع: تركت السلطة المثقفين والفنانين المفروض أنهم قواها الناعمة وسلاحها الفعال فى مواجهة الإرهاب، تركتهم فى العراء بلا درع لضباع التكفيريين، حكى لى «واسينى» عن أصدقائه الذين ذبحوا بدم بارد مثل المسرحى عبدالقادر علولة، الدرس السادس: بعدما نجحت الجبهة الإسلامية للإنقاذ فى الانتخابات صرح الرجل الثانى فى الجبهة بشرى للعلمانيين «حانت نهاية اللعبة»، الدرس السابع: فى ظل ترهل الأحزاب الجزائرية وسيطرة الإسلاميين اضطر الجيش للتدخل لكن هل ترك الإسلاميون مواقعهم بسهولة وعن طيب خاطر؟ تركوها ببحر دم وتلال أشلاء وصدى صرخات أرامل ويتامى بعشرات الآلاف. هل نقرأ؟ وهل نتعلم؟.