كتبت مراراً وتكراراً فى تلك المساحة عن ضرورة تكريم اسم د.نجيب باشا محفوظ، رائد طب النساء والولادة، طالبت برفع الظلم عنه والرد على كل محاولات تلويث سمعته واتهامه باضطهاد الأطباء المسلمين، وهى أكبر كذبة أدت إلى أكبر جريمة عنصرية وفتنة طائفية فى تاريخ التعليم الجامعى المصرى، فقد تضخمت تلك الكذبة الكريهة ككرة الثلج وانتشرت تلك الشائعة المقيتة بسرعة الضوء، وأدت إلى رد فعل تمثل فى إجراءات انتقامية رخيصة أخذت قوة القانون وتحولت من عرف واتفاق سرى إلى فريضة وواجب، ومنع بسببها تعيين أى أستاذ طب نساء وتوليد مسيحى فى الجامعة، وفشل الكثيرون من الأقباط الأوائل ومنهم حفيده نفسه!! فى الالتحاق بهذا المكان، منهم من ذهب إلى أقسام أكاديمية، مثل الباراسيتولوجى، ومنهم من هاجر خارج الوطن، ومنهم من أحبط وأصر على ترك الجامعة والالتحاق بوزارة الصحة فى نفس التخصص، كان ردى بسيطاً ومنطقياً واستعنت فى بحثى بأستاذى د.أبوالغار، كيف يكون نجيب باشا محفوظ، الذى كرّمه التاج البريطانى كأفضل طبيب، عنصرياً وكل البعثات التى أرسلها إلى الخارج كانت لتلامذته المسلمين؟!، ألا يستدعى هذا التصرف الوقوف لحظة لإعادة التفكير فيما لاكته الألسنة المتطاولة من افتراء وتجاوز، يعاد معها الاعتبار لهذا العبقرى الذى لم ولن يتكرر فى الاجتهاد والحفر فى الصخر والإبداع من ظروف تحت الصفر، أخيراً جاء الرد وتحقق الإنصاف من رئيس قسم النساء د.محمد ممتاز، وهو إنسان مستنير وذكى ومنفتح على العالم، وليست لديه تلك العقد الطائفية الرخيصة التى تسكن البعض وتصيبهم بالوسواس القهرى، قرر د.ممتاز ومجلس القسم إعادة افتتاح أعظم متحف نساء وتوليد فى الشرق الأوسط وأفريقيا وواحد من المتاحف النادرة المعدودة على مستوى العالم، والذى أنشأه نجيب باشا محفوظ منذ تسعين سنة، تكفل بالتجديد أفراد أسرة د.محفوظ، فصار يليق بهذا الاسم العظيم نجيب محفوظ باشا، والصرح الشامخ قصر العينى أقدم مدرسة طب فى الشرق الأوسط، ولمكانة هذا الطبيب العظيم الذى أراد القدر تخليد اسمه الذى كان مطموساً، فأهدى لنا امتداده الروائى العالمى نجيب محفوظ الذى حمل اسمه تكريماً ورداً لجميل إنقاذ أمه أثناء ولادته، من أجل تلك المكانة هناك ميدالية باسم هذا الرائد العظيم ستسلم كل سنة لواحد من رواد هذا العلم فى العالم، وأول من سيحصل عليها هو رائد طب الأجنة فى العالم اليونانى البريطانى كيبروس نيكولايدس، الأستاذ بجامعة كينجز كوليدج، الاحتفالية ستتم يوم 20 مارس المقبل، جزيل الشكر للأستاذ د.محمد ممتاز، ولقسم النساء ولطب قصر العينى وجامعة القاهرة، هكذا سنتغير ونتحضر ونبنى أسس الدولة المدنية الحديثة التى فيها الاحترام للقانون والمواطنة والكفاءة، افتتاح متحف نجيب محفوظ هو فى نفس الوقت إغلاق لمتحف أفكار متخلفة كثيرة تقبع فى أذهان البعض، الذين ما زالوا يعيشون أوهام الكهف.