سألنى صحفى صديق فى «روزاليوسف»: ماذا يكره السلفى؟ فقلت له: أكثر ما يكره السلفى ثلاثة أشياء، العلم والفن والمرأة؟! يكره العلم ويستهلك منجزاته التكنولوجية، يهين المرأة ويشتهيها ويتزوج أربعاً ولا يشبع، يفزع من الموسيقى ويبشر عازفها بالجحيم فى نفس الوقت الذى يشيد فيه بإيقاع القرآن الذى هو موسيقى!! ولنبدأ بالعلم.. رغم استخدام السلفى، كما ذكرنا، لكافة حصاده من تكنولوجيا فإنه يكرهه، يستخدم الموبايل والإنترنت ووسائل التواصل ويدشن الفضائيات... إلخ، إلا أن المنهج العلمى الذى أفرز كل تلك التكنولوجيا هو عدو مبين، والسبب أن المنهج العلمى يطرح الأسئلة المزمنة وعلامات الاستفهام المؤرقة، وهو لا يريد تساؤلات أو قلقاً، هو يريد الإذعان والخضوع، العلم نسبى وهو يريد غسل الدماغ وتسطيح الوعى بالمطلق، العلم كله «أظن وربما وممكن»، السلفى ليس لديه «أظن أو ربما»، لكنه بين يدى شيخه كالجثة بين يدى مغسلها، العالم الحقيقى يفرح بأن تلميذه اكتشف خطأ فى الدراسة يجب تصحيحه لأن الاثنين فى خدمة الحقيقة، السلفى لحوم علمائه مسمومة لا يُمسُّون ولا يُنتقدون، العلم مستقبل والسلفى ماضٍ، العلم يقول: أعطنى دليلاً ملموساً مرئياً، بينما السلفى الدليل عنده هو العنعنة الشفهية، العلم لا يعترف بأن ما يقال حقيقة لأن قائله شخص ذو حيثية وسطوة ولا لأن الجميع قد اتفقوا عليه ولا لأنه قيل منذ ألف سنة، الحقيقة عنده هى ما أثبتته التجربة التى تعطى نفس النتائج فى أزمنة وأمكنة مختلفة، السلفى يكره العلم والعلماء التجريبيين ويريد سرقة تلك النار ومنح مشاعلها وصفاتها لمشايخ ودعاة وظيفتهم ومنهجهم الحفظ والترديد والتلقين، وعندما تطلب تطبيق منهج العلم الحقيقى على ما يسمونه «علوماً» يفزعون ويرتعبون ويسبون ويكفّرون! عندما تقول: أين وثائق تلك النصوص؟ يكون الرد: قال فلان عن فلان، عندما تقول: بعض الأحاديث تتعارض مع العلم الحديث والاكتشافات الحديثة يصرخ: لا علم إلا علم الأولين، وفين تروح انت يا صعلوك بين ملوك السلف؟!، عندما تطبق العلم على التاريخ وتسرد أحداثاً ومعارك بين الصحابة ومؤامرات كانت تحاك من خلفاء كبار يصرخ السلفى: إنها إسرائيليات يا كافر يا زنديق!! السلفى وقف ضد منع ختان البنات، حتى الطبيب السلفى الذى لم يدرس قط فى أى مرجع طبى ما يسمى بختان البنات على استعداد لإلقاء كل تلك المراجع فى سلة القمامة عندما يفتى له «الحوينى» أو «حسان» بأن الختان واجب، وقفوا ضد زرع الأعضاء من المتوفى وعطلوه حتى هذه اللحظة نتيجة عدم الاعتراف بالموت الإكلينيكى، يقاومون المرضى المحتاجين للتحول الجنسى الذى ليس مزاجاً ولا رفاهية عند البعض ولكنه علة ومرض ضاغط وله بروتوكول علاج محدد ومعروف طبياً، السلفى يبيع بول البعير ويجرى الحجامة ويعالج بالرقية الشرعية فى عالم صار يعالج بالهندسة الوراثية!! كراهية العلم لدى السلفى هى كراهية لنسبيته ولتفوقه ولاستفزازه المزمن لعقله المحنط المتكلس.