قضت محكمة الجنح المستأنفة بحبس الكاتب الكويتى المستنير عبدالعزيز القناعى لمدة شهرين بتهمة ازدراء الإسلام! و«القناعى» شاب كويتى يكتب بعقلانية ويدعو للعلمانية، جريمته حيازة عقل، وتهمته تحريض على التفكير. أمثال عبدالعزيز القناعى هم ملح الأرض وسارقو نار المعرفة الذين لا بد أن تعتز بهم أوطانهم لا أن تسجنهم، لمن لم يقرأ لهذا الكاتب المتميز إليكم بعض الاقتباسات منه: لا سبيل للتقدم فى مجتمعاتنا سوى استئناف الجهود الفكرية لنقد وإعادة تشكيل وعينا وثقافتنا وأخلاقنا باتجاهات أكثر نقدية وعلمانية وأقلّ أبوية ووصائية، من خلال التحول إلى شرعية الإنسان ضد شرعية الهوية الجمعية، وشرعية المواطنة ضد شرعية الطائفية والقبلية. الحرية الفكرية تنتج أشخاصاً متوازنين راشدين قادرين على تحقيق اختياراتهم الشخصية ومصالح مجتمعاتهم، بينما قمع الحرية والوصاية على العقل والرأى ينتج أفراداً ضعفاء وهياكل سلطوية ومجتمعات غير منتجة حضارياً وعلمياً، ليكون الخاسر الأكبر هو الوطن فى الأخير. لا جدوى اليوم من رفع شعارات الحرية والمساواة والديمقراطية والتعايش دون أن نفهم معانيها وسياق تاريخها الحضارى، فالأزمة ليست فى تطبيق هذه القيم الإنسانية فى مجتمعاتنا بشكل سريع، بل تكمن أزمة تطبيقها فى العقل العربى بالدرجة الأولى. منذ أن تحرر الناس من سيطرة الكنيسة، وتم فصل الدين عن الدولة، فإن طريق أوروبا نحو الرفاه الاجتماعى فى تصاعد دائم، والدول العربية والإسلامية فى انحدار دائم. فلماذا لا يدع رجال الدين والفقهاء الناس تعبد ربها بالطريق والشكل الذى تشاء، فالدين لله والوطن للجميع. والمستقبل للعلمانية، والسلام، والتعايش، والتسامح، حيث لا مكان فيه لإرهابى مهما اعتمر من ملابس الصحابة والتابعين، فإذا أرادت الشعوب والأنظمة العربية والإسلامية حلاً لمشاكل البلاد والعباد، وتنظيم علاقاتهم ما بين بعضهم ومع مجتمعاتهم، فعلينا بدستور مدنى علمانى. الدين متى ما تحوّل إلى آلية وصاية وقهر لحياة الإنسان والمجتمع، فهنا يفقد روحانيته ويصبح قريناً للتعصب والتصنيف، فالعقل الإنسانى بفطرته يأنس ويثق بالتعايش والاختلاف، وينتهى أو ينهار مع الكراهية وإقصاء الآخر المختلف. تفتُّح الذهن هو العملية الأساسية فى التغيير، فهناك كثير من الناس يقرأون ويتعلمون، إلا أن عقلياتهم حجرية غير قابلة للتجديد، مثل المتطرفين الذين يقرأون فقط لإثبات صحة نظرياتهم الدينية لتكفير الآخرين، وهنا يكون هدف معرفتهم هو تخدير العقل وإقناعه بالموروث وليس الهدف البحث عن الحقيقة. حين تنبع الأخلاق من قناعاتنا الداخلية وضميرنا الإنسانى وفهمنا العميق للأخلاق، حينها لن نسرق أو نزنى أو نكذب أو نقتل بحضور الدين أو غيابه، فالأخلاق المزيفة هى التى تُمارَس من أجل إرضاء الغير خوفاً وطمعاً، أما الأخلاق السوية فهى التى تنبع من الضمير لأجل الإنسان دون توقع أى مردود. العقل المبرمج على التفكير بطريقة قطعية ملزمة يغيب عنه حرية الرأى والاختيار، ويكون غير قادر تماماً على إظهار مواهبه الحقيقية، فتختفى لذة الإبداع والتجربة والتحليل ليبدأ فى الأفول المعرفى والانقياد للغير. لماذا نعتبر المسلم المغيّر لدينه مرتداً يستحق الموت بينما الأديان الأخرى لا تعير أى اهتمام لقضية تبديل الدين أو تركه أو حتى انتقاده.. أفلا يدفع قهر الإنسان على الدين لصناعة مجتمع وأفراد منافقين أكثر من صناعة دول وأفراد صادقين؟! تربية الإنسان منذ نشأته على احترام أسئلة العقل واعتبارها أمراً ضرورياً ملازماً لتكوينه المعرفى، تبنى إنساناً متزناً ينخرط فى المجتمع دون أن يكون عدائياً ووصياً على حريات الآخرين، فالتعامل مع العقل بلغة القمع والكبت، يصنع التوحش الفكرى ولا يسمح للعقل أن يبدع ولا للروح أن تنمو إنسانياً. آليات التقدم والتنمية والإبداع، تكمن فى عقل الإنسان وليس فى إيمانه، وفى عمله وإخلاصه وليس بعدد ركعاته، وفى تعلمه للعلم واحترامه للقانون وليس فى مراقبة إيمان الآخر، فمن يذهب إلى العمل والمدرسة والمصنع والبرلمان والجيش وهو يعتقد أن عمله ليس مهماً مقابل عبادته فهو إنسان مهزوم.