عبقرية ثورة ٣٠ يونيو هى فى الهدف الذى خرجت من أجله، خروج الشعب المصرى لم يكن لمجرد إسقاط حاكم خائن جاسوس جعل أسرار الدولة العليا على مائدة حاكم قطر، وكان مجرد دمية فى يد «بديع وخيرت»، ولم يكن لنقص بنزين أو انقطاع كهرباء كما كان يروج وقتها من الإخوان الذين قالوا إن الدولة العميقة افتعلت مشاكل البنزين والكهرباء لإسقاط الإخوان عمداً، ولم يكن الخروج أيضاً ضد تزوير انتخابات أو احتجاجاً على فساد إدارات..إلخ، إنها ثورة قامت من أجل الحفاظ على هوية وطن أدرك الشعب بحسه الفطرى البسيط أنها تختطف وتسرق وتزيف وتطمس، «يسقط يسقط حكم المرشد» لم يكن هتافاً موجهاً ضد محمد بديع شخصياً ولكنه ضد التنظيم كفكرة والعصابة كقرصنة والإخوان كقتلة وجدان وعقل ولصوص هوية وخونة وطن، الفلاح الغلبان والعامل البسيط والمرأة نصف المتعلمة، حتى هؤلاء بالفطرة المصرية التى ما زالت تنبض رغم طبقات التصحر البدوى التى حاولت أن تغطى عليها، حتى هؤلاء نزلوا إلى الشارع دفاعاً عن الهوية، تحمل الشعب المصرى الكثير من الظلم ومظاهر الفساد وضروب الخلل، وكان يقول إن كل تلك المظالم تؤثر على غشاء خلية الوطن من الخارج فقط ومن الممكن مرورها وإصلاحها، لكنه انتفض بقوة حين أحس أن الخطر قد طال وامتد إلى الـ«دى إن إيه»، المادة الوراثية لهوية الوطن، إلى الجينات، إلى الخيوط الوراثية المتشابكة داخل نواة المحروسة، هنا خرجت الجماهير، ثار الناس، غضب أولاد وبنات البلد، إنها هويتنا، جوهرنا، إنسانيتنا، لا تمس، نحن الحياة وهم الموت، نحن باختلافاتنا ومشاجراتنا مع بعضنا البعض، نجد أنفسنا فى النهاية مهما اختلفنا واقفين على أرضية مشتركة اسمها الوطن، أما هؤلاء الفاشيون عصابة الإخوان من سماسرة الدين أصحاب بوتيكات التغييب وبازارات الدروشة، هؤلاء يقفون على أرضية الخلافة الإسلامية المزعومة وشعاراتها «طظ فى مصر»، و«ما الوطن إلا حفنة من تراب عفن»، و«يحكمنى أفغانى أو حمساوى ولا يحكمنى مصرى»، خرج الجميع لأنهم أحسوا بأن هؤلاء المتجهمين الحمقى يسرقون البهجة من شعب يحب الحياة ويعشقها بل ويتحايل بكل سبل التحايل الفهلوية والسرية والعلنية أن يحيا حتى فى أصعب الظروف، لذلك احتفالنا بثورة ٣٠ يونيو يكون باستكمالها، يكون باستمرارية الحفاظ على الهوية، لا يكون أبداً بالخلاص من الإخوان للارتماء فى حضن السلفيين، سنقول لبعضنا ألف مبروك بالفعل حين نرى هزيمة التأسلم السياسى كفكرة لا كتنظيم فقط، حين يمنحنى الدين سرير الطمأنينة لا مقعد البرلمان، حين يكون النور فكراً وعقلاً وليس حزباً ولحية.