كما استطاع التقدم العلمى أن يتنبأ بميعاد الولادة من خلال حسابات انقطاع الدورة واكتمال الجنين، استطاع تقدم علوم الذكاء الاصطناعى المذهلة وعلوم الكمبيوتر المبهرة أن يتنبأ بميعاد الموت من خلال معلومات الوظائف الحيوية! «جوجل» صارت اسماً مرعباً فى دنيا التنافس الاقتصادى والعلمى والمعلوماتى، صارت مؤسسة وشركة تتجاوز كل الخيال، حصاناً يركض فى دنيا العالم الافتراضى بحوافر خيال لا نهائى تضرب فى عمق الزمن ومستقبل الكون بسرعة الضوء، طموح بلا حدود، وإبداع بلا سقف، وإبهار بلا حساب للصدمات التى تستفز العقول المحدودة. أصاب المنافسين اليأس من قدرة تلك الشركة العابرة للأحلام على إخراج أرانب الاختراعات من قبعات حواة الابتكار، الخبر الذى تداولته الصحف فى العالم كله يقول: «شاركت شركة جوجل مؤخراً فى اختبار نظام إلكترونى قائم على الذكاء الاصطناعى، يمكنه التنبؤ باحتمال وفاة المرضى خلال 24 ساعة من دخولهم المستشفى، وحققت التجارب نتائج مثيرة مع وصول دقة توقعات الذكاء الاصطناعى إلى 95 بالمائة، حيث يعمل عن طريق تحليل بيانات المرضى، مثل العمر والعرق والجنس، ثم يتم دمج هذه المعلومات مع بيانات المستشفى، مثل التشخيصات المسبقة والعلامات الحيوية الحالية وأى نتائج مخبرية أخرى». ويضيف الخبر أن «باحثى جامعات ستانفورد وشيكاغو وكاليفورنيا طوروا نظام الذكاء الاصطناعى القائم على التعلم الآلى، ودعمته (جوجل) باستخدام بيانات غير محددة تعود لـ216 ألفاً و221 بالغاً من مركزين طبيين فى الولايات المتحدة». الخطوة التالية من «جوجل» هى نقل نظام التنبؤ هذا إلى العيادات، حيث قال «جيف دين»، رئيس قسم الذكاء الاصطناعى فى «جوجل»، لصحيفة «بلومبرج»: «تعمل وحدة الأبحاث الصحية -التى يشار إليها باسم الدماغ الطبى Medical Brain- على مجموعة كبيرة من أدوات الذكاء الاصطناعى التى يمكنها التنبؤ بالأعراض والأمراض بمستوى عالٍ من الدقة». تؤكد الأخبار أن «السجلات الطبية لم تعد جزءاً فقط من خطط الرعاية الصحية لأنظمة الذكاء الاصطناعى فى (جوجل)، حيث قام فريق البحث الطبى التابع لها بتطوير أنظمة ذكاء اصطناعى للأشعة وطب العيون وطب القلب، كما ابتكر فريق العمل تطبيقاً لتحديد الأمراض الجلدية الخبيثة، (جوجل) تقوم أيضاً بتجربة جديدة فى الهند باستخدام برنامجها للذكاء الاصطناعى لفحص صور العيون بحثاً عن علامات مبكرة لحالة تسمى اعتلال الشبكية السكرى». بالطبع ستحتاج «جوجل»، فى البداية، إلى الحصول على المزيد من السجلات، وقد تم بالفعل عقد عدة صفقات مع جامعة كاليفورنيا فى سان فرانسيسكو (UCSF) وجامعة شيكاغو، لكن هناك أسئلة أخلاقية وفلسفية فجّرتها تلك الاكتشافات «الجوجلية»: هل من المسموح لنا أن نغتال أمل المريض فى التشبث بالحياة، ونجعل سؤاله عن الموت مثل سؤاله عن درجة الحرارة واحتمالات سقوط المطر؟! وماذا سيكون مصير شركات التأمين؟ وهل سيركع العالم أمام هذا التغول الجوجلى الرهيب واحتكار التحكم فى صحة البشر والاحتفاظ بسجلات المرضى فى العالم؟... إلخ، أسئلة كثيرة تطرح نفسها بقوة، وللأسف هى بعيدة عن مجال وحدود خيالنا المتواضع الذى ما زال يبحث كيف نحمى جيناتنا الثمينة من سرقتها والتجسس عليها بقانون البحث العلمى الكسيح!!