أجرت جريدة «أخبار اليوم» حواراً معى حول كارثة الطبيب الذى يُجرى جراحات تكبير العضو الذكرى، والذى تسبّب فى كوارث رهيبة أدت فى أحيان كثيرة إلى التليف والبتر، أخيراً تم القبض على هذا الطبيب ومحاكمته بعد بلاغات المرضى الذين وقعوا فى فخاخ هذا الطبيب، ومنهم من تكلفت جراحة الإصلاح والترميم لجهازه التناسلى أكثر من مائة ألف جنيه، ورغم ذلك فشلت العملية وضاع مستقبل المريض وفكر فى الانتحار، هذا الطبيب يبيع الوهم عبر حلم الفحولة الذى يربط للأسف بين الجنس والطول أو الضخامة، مفاهيم عفنة استقرت فى الأمخاخ وضلالات وهلاوس سيطرت على العقول فى ظل كبت وهوس جنسى ونفاق دينى ومجتمع هو الأول فى عدد المآذن والأول فى نسب التحرش!!، لكن السؤال من صنع شهرة هذا الطبيب؟ ومن الذى أوقع الجمهور فى الفخ؟، وهل هذا الطبيب هو الوحيد الذى يفعل مثل تلك الكوارث؟، للأسف ليس هو الوحيد، ولا الأول ولا الأخير، ومن صنع تلك الأصنام هى دكاكين الدعارة الطبية، أقصد البرامج الطبية على الفضائيات، هذا الطبيب كان نجماً وصنع شهرته وخدّر مرضاه ونومهم مغناطيسياً من خلال الميديا، وعبر تلك البرامج التى تمثل الآن بالصيغة المقزّزة التى تعمل بها مواخير للسماسرة. يذهب الطبيب إلى البرنامج وكأنه ذاهب لأداء نمرة فى كباريه، تليفوناته وعناوينه على الشاشة، وبنكنوته فى جيب القناة، المأساوى فى الأمر أن معظم مرتبات العاملين فى الفضائيات صارت من تلك البرامج، مهما قيل فيها من غثاء، ومهما ارتكب فيها من جرائم على الهواء، فإن العاملين والمسئولين فى تلك الفضائيات صاروا يدافعون عن تلك الجرائم حتى النفس الأخير، لمجرد الحفاظ على أكل العيش، ومرتب آخر الشهر الذى يمنحه له سمسار تلك البرامج، الذى لو غضب واتقمص ستتسول القناة ويتشرّد العاملون فيها، رؤساء القنوات صاروا منسحقين أمام تلك المافيا، وصار العمال والموظفون فى القناة طابوراً خامساً فى خدمة السمسار، عصابات البرامج الطبية ترتع وتمرح بلا ضابط ولا رابط، وزارة الصحة لامبالية، والنقابة كسولة، وهيئة الاستثمار وهيئة الإعلام الوطنية و«النيل سات».. إلخ، مهتمون بمنح تصاريح للمشايخ، وبتقنين برامج الفتاوى التى تختلف حول دخول الحمام بالقدم اليمنى أم اليسرى، تاركة البرامج التى تدمر صحة الإنسان المصرى دون قانون ودون ضوابط، هناك سماسرة برامج طبية يؤجرون الهواء من القنوات بثلاثة أرباع مليون جنيه شهرياً، ويأتى طبيب خريج العام الماضى ليقدّم لنا على أنه أستاذ فى جراحة القلب ومساعد د. مجدى يعقوب، يأتى عطار ليعالج فيروس سى، يقدم لنا مدرس ألعاب على أنه رئيس أكاديمية الطب البديل فى كندا، يروج لكريم علاج البشرة بالذهب الوهمى فى الوقت الذهبى للقناة، والبرطمان بمرتب مدير لمدة سنة!!، نجلس كالبلهاء أمام من يعالج السرطان بالبردقوش وحبة البركة، والضغط والربو بالأسماء الحسنى، وعلاج الشلل بالحجامة، والعقم بحقن الخلايا الجذعية فى الخصية، كما حدث فى أشهر تلك البرامج، واستخدام كريمات تكبير الأرداف، كما حدث من عضو برلمان شهير.. إلخ، وكل ما سبق ليس من باب سيناريوهات الكوميديا، لكنها حقائق ومثبتة بالوثائق والفيديوهات، كل هذا يحدث أمام وتحت سمع وبصر وزيرة الصحة والإعلاميين وأصحاب الفضائيات، لكن آفة حارتنا النسيان، وآفة مسئولينا الطناش، وآفة مرضانا عشق الخداع والغرام بالنصب وتقديس النصابين.