«الشك يحيى الغرام.. وعشق الجسد فانى»، لم تدمر مفهوم الحب والجنس والزواج لدينا جملة أو عبارة مثل تلك الجملتين أو العبارتين، ومع احترامى وحبى وعشقى لأم كلثوم وعبدالوهاب، إلا أن تلك الأغنيتين رسختا مفاهيم صارت كالأصنام المقدسة والتابوهات التى لا تمس فى حياتنا، وما علينا إذا أردنا استعادة الحب إلا أن نحطمها ونسقطها كى يقف الحب على قدميه منتصباً، لا على رأسه متشقلباً!، الحب ثقة وإذا تحول طرفا العلاقة إلى عميل «سى آى إيه» يتربص بجاسوس «كى جى بى» مات العشق والهيام وصرنا فى خلية تجسس لا فى علاقة زواج، الشك هو أول طفرة سرطان فى خلية الحب، بعدها يتضخم الورم ويرسل ثانوياته إلى النخاع فتصاب العلاقة بالأنيميا الحادة الخبيثة، وإلى المخ فيتوقف التفكير والإبداع، وإلى الرئتين فيحبط التنفس، ويكون الاختناق والإسفكسيا هى المصير والمنتهى، عندما تشك فى مصرفك أو بنكك فسرعان ما ستسحب كل رصيدك ولن تضع مليماً فى حسابك، كذلك الحب عندما يتسلل إليك الشك فحتماً ستسحب كل رصيدك ومخزونك العاطفى، وستتوقف أرباحك وتتآكل ثروتك حتى تفلس تماماً، الشك سكين قاتل، رصاصة ما أن تستقر فى القلب ستظل مشتبكة فى ألياف نسيجه وداخل عضلاته، معطلة إيقاعه وموقفة نبضه، امنح رفيقة دربك العاطفى الثقة تكن هى بوصلتك إلى السعادة، لا تنفع فى الحب عين الثعلب نصف النائمة ونصف المستيقظة، عينا المحب مفتوحة لكنها ليست مفتوحة على التربص والتلصص، المحب الحقيقى لا يزرع أجهزة تتبع أو تلصص أو تنصت، ولكنه يزرع حقل ثقة وإحساس مسئولية ووجدان امتنان، الثقة موجعة لمن وضعتها فيه وأهديته إياها، تنخز ضميره فيغلق خزانته الحديدية على حبه محافظاً عليه من السرقة ومن الخيانة، والمهم من نظرة العتاب القاسية الذابحة الجالدة ممن أهدى الثقة إلى من توج بها. وإذا كانت عبارة «الشك يحيى الغرام» من الخدع، فإن عبارة «عشق الجسد فانى» هى من الهلاوس والضلالات، فاحتقار الجسد لن يفيد الحب أو يحييه أو ينميه كما نتوهم، والرومانسية لا تعنى الإخصاء، والحب الطاهر البرىء والزواج السعيد الهانئ لا يلوثه الجنس الجميل الرائع، وليس مطلوباً من أجل عشق خالد وغرام مزمن أن نبتر أعضاءنا التناسلية!، الجسد أيضاً له لغة مثل الروح وعلينا أن نجيد مفرداتها، الجسد ليس مشكلة بل هو حل، الجسد مساحة الحب وليس مناحة الحب، الجسد لا ينجس الحب ولا يبخسه قدره، والغرب كان عبقرياً عندما أطلق على الجنس وصف صناعة الحب، فهو حقاً يتم تشكيله فى هذا المصنع، الجنس ليس امتزاج لحم فى لحم، ولكنه تحول اللحم إلى لحن، الجنس إيقاع موسيقى، الجسدان هما أوركسترا متناغم، المايسترو فيه هو الحب، هو ضابط ذلك الإيقاع، وعصاه السحرية هى التى تجعل منه سمواً وسماء لا انحداراً ولا قاعاً، فلا تحتقر جسدك بحجة أن فيه فناء الحب، بالعكس إنه فنان الحب، بريشته يرسم وبأوتاره يعزف وبإزميله ينحت أجمل علاقات الدنيا.. الحب.