غداً 21 سبتمبر، هو اليوم العالمى لـ«ألزهايمر»، ويحتفل العالم به هذا العام بشكل مختلف وعملى أكثر من أى عام مضى، فقد أنشأت منظمة الصحة العالمية المرصد العالمى للخرف، لتجميع بيانات مرضى الخرف dementia، الذى يندرج تحته «ألزهايمر»، الذى يمثل نسبة 70% من مرضاه، ودائماً بداية النجاح هى الرصد الإحصائى المضبوط من خلال قاعدة بيانات دقيقة، بدأت دول العالم تشترك ببياناتها وإحصائياتها ونتائجها فى هذا المرصد، لكن كالعادة مصر لا تمتلك قاعدة بيانات دقيقة لتشترك بها فى هذه المنظومة العالمية، أما المفاجأة الثانية التى سنستقبلها فى اليوم العالمى فهى «قرية ألزهايمر»، القرية الجديدة فى مدينة «داكس» جنوب غرب فرنسا، بالقرب من الحدود مع إسبانيا، وهى قرية مصمّمة خصيصاً للسماح للأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر، بالاستمرار فى عيش حياة طبيعية خارج دار رعاية المسنين، وسيكون لدى الأشخاص الذين يعيشون فى القرية، الذين سيطلق عليهم اسم المقيمين، بدلاً من المرضى، سوبر ماركت خاص بهم، ومركز صحى، ومصفف شعر، وصالة ألعاب رياضية، ومكتبة ومزرعة، وستتم إحاطة القرية بسور، لكنهم سيكونون قادرين على التجول بحرية داخل أسوارها، ويرتدى موظفو التمريض ملابس مدنية، وسيحصل المقيمون على أدوية أقل، فى حين سيساعد المتطوعون فى إدارة القرية، ويأمل مطورو القرية التى تبلغ تكلفتها 29 مليون يورو، أن تسمح للأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر والخرف، بأن يعيشوا حياة أكثر نشاطاً وسعادة، طبعاً أنا لا أحلم بمثل هذا المستوى من الاهتمام، لكننى أطلب توفير الحد الأدنى لمرض خطير أراه أخطر من السرطان، لأنه فقدان للهوية، فعلى الأقل مريض السرطان من الممكن أن يتحرك ويعيش بمفرده، لكن مريض «ألزهايمر»، هو دائماً فى حاجة إلى رعاية، وهنا يأتى دور الجليس، فمعظم بيوت المسنين يرفضون استقبال مرضى «ألزهايمر» دون هذا الجليس، وهى مشكلة رهيبة تسهم فيها ثقافتنا المشوّهة التى تعتبر الجليس «خداماً»، وتعتبر تلك المهنة الراقية السامية العظيمة بمثابة الإهانة!!، وقد بدأت وحدة طب المسنين فى كلية طب عين شمس، برئاسة د. هالة سويد، عقد دورات تدريبية لتخريج هذا الجليس الماهر الملم بمرض «ألزهايمر»، وكيفية التعامل مع المريض المصاب به، هذا القسم هو القسم الوحيد فى كليات الطب المختص بأمراض المسنين، وهو يحتاج إلى كل الدعم والاهتمام، لأنه يهتم بفئة مهمّشة نتعامل معها بإهمال، وأحياناً بعدوانية، وهى فئة المسنين، ولا بد من سماع صوت وخبرة جمعية «ألزهايمر مصر»، التى يرأسها د. طارق عكاشة، التى تحاول جاهدة فى مناخ غير مهتم بهؤلاء المرضى الغلابة الذين يتعامل معهم الجميع بلا رحمة، ومن بينهم للأسف الأقارب والأبناء فى أحيان كثيرة!!، شعار منظمة الصحة هذا العام «كل 3 ثوانٍ هناك شخص ما فى العالم يُصاب بالخرف»، تؤكد إحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2017، أن نحو 50 مليون شخص يعانون من مرض «ألزهايمر»، من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص المتعايشين مع الخرف إلى ثلاثة أمثاله بحلول عام 2050 من 50 مليون شخص إلى 152 مليون شخص، وللأسف لا يوجد له أى علاج حتى الآن، وتقدّر التكلفة السنوية لرعاية الأشخاص المتعايشين مع الخرف فى العالم بنحو 818 مليار دولار أمريكى، أى ما يتجاوز 1% من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، ومن المتوقع أن تُجاوز هذه التكلفة الضعف بحلول عام 2030 لتبلغ تريليونى دولار أمريكى، الأمر الذى قد يقوّض التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ويُنهك نظم الخدمات الصحية والاجتماعية، بما فيها نظم الرعاية طويلة الأجل. يكفى مريض «ألزهايمر» أنه ينسى نفسه، فلا نأتى نحن ونجهز عليه بنسيانه.