حصلت نادية مراد الإيزيدية على جائزة نوبل، لكن السؤال: هل حصلت نادية على الأمان؟ نادية مراد حين حضرت إلى مصر واستقبلها الرئيس السيسى أبكتنا جميعاً، لكن دموعنا، ومعها دموع العالم، لم تطهّرنا من عار تلك العصابة التى تتاجر براية الدين الإسلامى وتتخذ من أفكار متشددة إجرامية عفا عليها الزمن، وما زال البعض من دعاتنا يتبناها حتى اليوم وعلى شاشات التليفزيونات للأسف الشديد، تتخذها دستور حكم ونظام حياة، فما زلنا نشاهد رجل دين يدعو إلى تجارة الجوارى لحل مشاكلنا الاقتصادية! وما زلنا نستمع إلى داعية تحلل السبى. مفاهيم تجاوزها الزمن، لكننا ما زلنا نتداولها ونزرعها فى أذهان الشباب وبعدها نندهش ونتساءل: من أى تربة نبت كل هؤلاء الإرهابيين الانتحاريين! نادية مراد، بنت الخامسة والعشرين، كشفت لنا كم نعيش فى بركة راكدة من الأفكار المتخلفة، فضحت كل صامت ومتواطئ يدّعى أن أفكار الفاشية الدينية قد اندثرت ولا أثر لها فى الواقع. قالت لنا بلسان جرحها النازف إن كل ما تمارسه «داعش» موجود فى بطون كتب صفراء يتداولها شباب قرر الهجرة إلى الداخل، بل وللأسف موجود فى بطون كتب يتم تدريسها وبيعها بالملايين وفى معارض كتب ترعاها حكومات ودول تحارب الإرهابيين بالسلاح وتترك الإرهاب ينمو بالكتب والأفكار. ما حدث مع نادية وقومها من الإيزيديين هو عملية إبادة جماعية صريحة تشير بأصابع الاتهام إلى المجتمع الدولى كله، ومنح جائزة نوبل لها هو اعتراف بتلك الجريمة ومحاولة غسيل ضمير وتكفير ذنب، فقد دعمت دول كبيرة «داعش» من أجل طموحات عسكرية ومالية تافهة، دعمتها وهى تظن أن القط الداعشى لن ينقلب نمراً ينشب أنيابه فيها، لعبوا بالنار فاحترقت أصابعهم وشرايينهم، من استمع إلى حكاية نادية مراد كان كمن يشاهد فيلماً خيالياً عن عصابة من الزومبى أتباع دراكولا، جماعة من البربر الهمج يتناوبون اغتصاب فتاة ثم بيعها وتأجيرها، تعاملوا معها ومع الفتيات الإيزيديات كسلعة رخيصة فى سوق النخاسة، يأتى رجل ضخم ويطلب منها وضع الماكياج وارتداء الملابس الكاشفة ليمارس معها الجنس، لا يمنعه مرضها أو ضعفها أو دموعها، الحيوانات نفسها تشمئز من هؤلاء الهمجيين السيكوباتيين. فى مذبحة سنجار ذبحوا خمسة آلاف إيزيدى، قيّدوا نادية بعد أن ذبحوا أمها وإخوتها، ستة أشقاء تم قتلهم أمام عينيها، وبدأت رحلتها إلى الموصل حيث سوق الجوارى الملاصق للمحكمة الإسلامية!! هربت بعد أن تناوب على اغتصابها عشرات المجرمين القتلة، شاهدتها فى أحاديث كثيرة بعد ذلك، لم تُشفَ نادية من ندبات جروح الروح ولن تُشفى، مليون «نوبل» لن تضمّد الجرح أو توقف النزيف، عيناها ما زالتا حائرتين، يسكنهما الشجن المزمن. أحياناً تتلعثم وتكرر الكلمة مرات ومرات وكأنها ما زالت تشك فى أن صراخها ما زال مكتوماً لن يصغى إليه أحد مثلما كانت تستجير أثناء اقتحام جسدها وعفتها واستباحة كرامتها ولا من مجير أو منقذ. البشرة شاحبة بتجاعيد خوف مقيم، الوجه منحوت بإزميل الحيرة والسؤال الذى بلا إجابة: ماذا فعلت لكى يحدث لى كل ذلك؟ لقد وُلدت على دين مختلف ومتمسكة به ولم أتسبب فى أى ضرر لأحد، ما هى الجريمة؟ ما هو الذنب الذى اقترفته؟ ستتسلم نادية جائزة السلام لكن هل تحصل نادية نفسها على السلام؟