إذا أردت أن تقرأ وجهة نظر شخص أو مؤسسة، فلتقرأها من خلال إعلامه، ومن خلال نافذته وشاشته، وها هو الأزهر يهتدى إلى الحل، ويهدى لنا قناة إعلامية، بعدما ظل كثيراً يشكو من أن مشايخه الحقيقيين الذين يستطيعون أن يجدّدوا الدين محرومون من نافذة إعلامية يمتلكونها ويتحكمون فى مضمونها، لكن هل بالفعل حققت تلك النافذة هذا التجديد أو التصحيح الدينى كما وصفه وطلبه الرئيس فى منتدى الشباب؟، شاهدت بالصدفة حلقة هذا رابطها: https://youtu.be/7llX8Ma8UEs يتحدث فيها شيخ أزهرى كبير وجليل ومقدمة البرنامج هى بصوت د. على جمعة، أى أننا أمام فقرة مهمة وبرنامج له وزنه فى القناة، عن أى تجديد يتحدث البرنامج؟!، وأى ثورة دينية ننتظرها فى تلك الفقرة العظيمة؟، جلست منصتاً ومتوقعاً أن أسمع وأشاهد جرعة ثقافة دينية من المنبع الأصيل والمصدر الجليل، لكن ماذا قدّم لى الشيخ الفقيه الكبير من خلال الشاشة التى تمثل تلك المؤسسة الجليلة التى نراهن عليها من أجل التجديد، إنه يتحدث عن كرامات وبركات الشيخ الكبير أحمد الدردير، اسمعوا التجديد، يقول مقدم البرنامج لطلبة الأزهر وغيرهم من الجالسين عند قدميه، إن أشهر كرامات الشيخ الدردير أنه يستطيع العثور على أى شىء ضائع، مهما كان بعيداً ومختفياً، وأنه كان يطلب من المقربين عدم الإعلام والإعلان عن تلك الكرامة، ويحكى أنه استطاع إعادة فتاة مختفية فى المقابر دون سابق معرفة، بعد أن فشل أهل القرية فى العثور عليها!، ومن كراماته أيضاً أنه كان يقرأ «قل هو الله أحد» على الأكل القليل فيكثر ويتضاعف، وأنه كان يقرأ «سورة قريش» على الباب المغلق فيُفتح، وشبّهه الشيخ مقدم البرنامج بـ«سحنون» الذى كان يكتب حرف النون على دماغ المريض فيُشفى من مرضه وسقمه مهما كان!!، لقد حول مقدم البرنامج الشيخ صاحب الكرامات الذى له كل الاحترام إلى معجزة وأسطورة تخالف قوانين الطبيعة، هل المطلوب أن يتحول رجل الدين من وجهة نظر الأزهر إلى قسم بحث جنائى متحرّك يتفوق على سكوتلانديارد، وإلى وزارة تموين كاملة، وإلى «master key» أو طفاشة بشرية تفتح أى باب وتفك أى باسوورد؟!، هل هذا هو التجديد؟، هل زرع مثل تلك الخرافات عن أناس هم بشر فى النهاية مهما كان ورعهم ومهما كانت تقواهم هو الغرض من التجديد؟!، هل أصرف كل تلك الملايين على قناة من أجل نشر أوهام وغسيل أدمغة من خلال الكلام عن كرامات وبركات وأساطير؟، هل هذه روح العلم والتفكير النقدى الذى نحارب من أجل نشره، والذى نعى جيداً أنه طوق نجاتنا الوحيد للخروج من أزمتنا الطاحنة؟، هل مكتوب علينا أن نستخدم أرقى منتجات الحضارة من تكنولوجيا ووسائل اتصال لنشر التغييب والتخدير والتنويم بالكرامات والمعجزات؟!، يا سادة يا سكان المؤسسة الدينية المعجزة الحقيقية فى هذا الزمن هى العلم، الذى صنع لكم تلك القناة والكاميرات، وهذا القمر الصناعى والتردد الفضائى، وذلك البث والاستوديو.. إلخ، فلا تجعلوا العلم مطية لنشر الخرافة.