أضافت جمعية الأطباء النفسيين العالمية إدمان الإنترنت إلى جانب المخدرات وغيرها من أنواع الإدمان، لقد صار هو السيد، ونحن العبيد، وفى العدد الأخير من مجلة «الجديد» خصصت ملفاً حول تأثيرات الإنترنت وتكنولوجيا التواصل، وعلى رأسها موضوع الموبايل، وبالطبع لا يمكن أن ننكر أن هذا الجهاز فعل فى حياتنا ما لم تفعله أى تكنولوجيا أخرى، فقد امتدت تأثيراته للنواحى الاجتماعية والسياسية، بل والصحية أيضاً، وسأقتبس لكم بعض تلك التأثيرات التى عرضتها مجلة «الجديد»، فمثلاً على المستوى الاجتماعى هناك دراسات لفتت الانتباه إلى الأثر السلبى الذى يلحق بعلاقة الأهل بأطفالهم من جرّاءِ إدمان أحد الأبوين أو كليهِما على هاتفه المحمول، وكانت الصدمة ما كشفت عنه دراسة أجرتها الباحثة والطبيبة فى مستشفى جامعة ميتشيجان لطب الأطفال، جينى رادسكى، التى حذّرت فى خلاصة دراستها من خطورة ما وصفته بـ«تلاشى الحدود»، إذ يُبقى انشغال الوالدين بعالمَى هاتفيهما الأطفالَ فى عالمٍ آخر ويفاقم عُزلتهم ويحرمهم ما يحتاجونه من اهتمام عاطفى، وعلى المستوى الصحى هناك تقارير عن أشخاص يواجهون مشاكل صحية، مثل ألم الإبهام المزمِن، فضلاً عن إصابات الإجهاد المتكررة (RSI) واضطرابات النوم (مثل الأرق) بسبب الرسائل والإدمان على استخدام الهاتف النقال (تشير بعض الدراسات إلى أن معدل تفقّد الشخص لهاتفه النقال يصل فى بعض البلدان إلى 100 مرة فى اليوم). وتُظهِرُ دراسات التصوير العصبى أن آلية تفقّد الهاتف والإرسال/ الاستقبال عبره تترافق مع نشاط منطقة من الدماغ على نحوٍ يشابه آلية استجابة المدمن الذى يتعاطى «الهيروين»، وذلك وفق ما يشير إليه طبيب الأعصاب والنوم مايكل سيفرت، وفى النهاية يعرض الملف بعض الحلول للتعامل المتزن مع الموبايل عبر نصائح البروفيسور لارى روزِن، أستاذ علم النفس فى جامعة كاليفورنيا: * ينصح روزن بأخذ فترات راحة متجددة أثناء العمل، إذ إن العقل البشرى غير مصمم للعمل لساعات متواصلة دون راحة، فنحن نؤدى الأعمال بشكل أفضل عندما نأخذ خلالها أقساطاً من الراحة، وهنا يقترح روزن تجنُّب النظر إلى الهاتف الذكى أو تصفح الإنترنت، وبدلاً من ذلك ينصح بممارسة الرياضة أو التحدث أو التأمل، وهذا يعنى المشى فى الخارج للحصول على بعض الهواء النقى، والتحدث مع شخص ما (عن شىء آخر غير العمل)، أو ممارسة التأمل الواعى لبضع دقائق وهو ما يساعد على الشفاء من متلازمة النوموفوبيا (القلق المزمن من جرّاء عدم وجود الهاتف النقال فى متناول المرء). * عليك استرداد أصدقائك ووقت عائلتك، يضيف البروفيسور روزن، نحن بحاجة إلى التوقف عن السماح للتكنولوجيا بالتداخل مع أهم تفاعلاتنا الشخصية. ولكن من الصعب تجاهل هاتفك عندما يكون ماثلاً أمامك، ولا سيّما مع توالى ظهور تنبيهات الأخبار والرسائل النصية باستمرار، يقول روزن: نصيحتى هى تعيين المناطق التى لا يُسمح فيها بالأجهزة الشخصية ببساطة، فى محاولة لتسهيل إجراء محادثات أفضل وأكثر جدية مع الأصدقاء والعائلة. وتشمل أمثلة ذلك طاولة العشاء، أو غرفة الجلوس، أو فى السيارة، أو فى المطاعم. * أبِق التكنولوجيا خارج غرفة النوم، فمع حلول الظلام يبدأ دماغك بإفراز الميلاتونين، الذى يساعد تراكمه فى النهاية على النوم. ولكن وفقاً لبحث أجرته مؤسسة النوم الوطنية وعيادة مايو، فإن الضوء الأزرق من الهواتف الذكية، أو الأجهزة اللوحية، أو أجهزة الكمبيوتر المحمول يبطئ هذه العملية ويطلق الكورتيزول، ما يجعل الدماغ أكثر يقظة، والنتيجة هى ساعات نوم أقل وأكثر اضطراباً، ما يعطل عملية تجديد النشاط ويقلل من حدّة الذهن، الحل بسيط كما يقول لارى روزِن، لا تجلب أجهزتك المحمولة إلى السرير!. وليكن شعارنا: الاستبعاد قبل الاستعباد.