بعد وفاة الفنان مصطفى درويش، الذى كان يشكو من الأرق واضطرابات النوم، تردد الكلام حول طب النوم، وبالطبع تردد معه اسم رائد «طب النوم»، العظيم الراحل والصديق الجميل د. طارق أسعد، الذى كان واحداً من أجمل وأنبل البشر، وهذه رسالة إلى روحه:عندما سألت د. أحمد عكاشة عن أحب تلاميذه إليه وأقربهم إلى قلبه، كان الرد وبدون تردُّد.. طارق أسعد، قررت وقتها أن أسعى إلى التعرف على هذا الطبيب الذى أجمع أساتذته وأصدقاؤه على حبه، والإشادة به بإجماع لم أشهده من قبل، ومنذ هذا الوقت صرنا صديقين، وصار هو الصديق الذى يحتمل فضفضتى الخاصة وتوجّساتى الدفينة، والصدر الذى يسع الشكوى والأنين والثرثرة، كان قديساً فى محراب العلم بالفعل، يقرأ فى الطب النفسى بنهم شديد، يحضر المؤتمرات للاستفادة العلمية وليس للشوبينج أو الفسحة، جاداً فى كل ما يتعلق بالعلم وتفاصيله، كان المرجع حتى لمن هم أكبر منه سناً، عندما كنت أريد فهم مصطلح معقد فى الطب النفسى كان يشرحه لى بسهولة وبساطة ويسر، ويفككه بمنتهى السلاسة والوضوح، اختار طب النوم وأسراره كتخصص دقيق داخل التخصص الكبير، فكان مرجعه على المستويين المصرى والعربى، أما على المستوى الإنسانى فلم أرَ إنساناً متصالحاً مع نفسه وواقعه مثل د. طارق أسعد، لم أره يوماً ناقماً على زميل كوّن ثروة، أو تلميذ له صار مليارديراً، كان مُصراً على ألا يُغضب أحداً، وأعتقد أن هذا سبب أزمته الصحية المفاجئة التى خطفته من بين محبيه، فألا تُغضب أحداً ثمنها فادح وهو على حساب أعصابك، صوته هادئ لكنه واثق، متدين بمعنى الضمير اليقظ والتسامح الذى بلا حدود، مرتب الأفكار بطريقة مدهشة، نبع حنان متدفق، يفتقده الآن كل محبيه، ودوام الصحة لزوجته رفيقة دربه العلمى والإنسانى، وابنته الوحيدة «ريم» التى حتماً ستكمل دربه العلمى وتصبح تجسيداً حياً لأب وصديق لن يعوَّض.