مشهد بكاء ميسى فى النهائى اللاتينى، الذى كان أمس ضد كولومبيا، كان مشهداً أثار دهشة العالم، فـ«ميسى» قد لعب حتى الدقيقة 60 تقريباً، وفريقه أقوى وأقرب للفوز، وهو بلغة كرة القدم شبع من المستطيل الأخضر، السؤال كان مشروعاً من الجماهير، لكن صاحب النجومية ومن يعرف ثمنها هو الوحيد الذى يحس إحساس ميسى، إنه حصد كل الألقاب، صاحب ثروة تتفوق على ميزانيات شركات عملاقة، نجومية تجاوزت السحاب، شهرة جعلت من مجرد صورته أهم براند إعلانى على ظهر الكوكب، وبرغم ذلك يبكى لأنه لم يشارك حتى آخر دقيقة، هذا درس على الهواء مباشرة، أنت حى ليس لأنك تتنفس، أنت حى لأنه ما زال لديك الشغف.حينما تفقد هذا الشغف فقد أصبحت جثة تتنفس وتأكل وتتناسل، قس درجة حرارة شغفك كل يوم، ارتفاع درجة حرارة الشغف هو المرض الوحيد الذى يجب أن تحتفى به، المرض الذى يدل على أنك فى تمام عافيتك وصحتك!!الغريب أن لاعبى الأرجنتين كلهم تقريباً صرحوا بأنهم بذلوا كل طاقتهم لكى يفرح ميسى ويُتوج باللقب، نفس هذا التصريح قيل من لاعبى الأرجنتين بعد هزيمتهم لفرنسا والحصول على كأس العالم، أعرب اللاعبون عن فرحتهم من أجل فرحة ميسى، ولمعان عيون ميسى، وقفزاته الطفولية من فرط نشوة الفوز، هو أكثر اللاعبين حصاداً للأرقام القياسية، فهو أكبر لاعب يفوز بجائزة الكرة الذهبية فى القرن الـ21 فى سن 34 عاماً و159 يوماً.بلغ عدد أهداف ليونيل ميسى 672 فى جميع البطولات، أحرزها فى 778 مباراة صنع خلالها 303 تمريرات حاسمة، العدد الأكبر من أهداف ميسى جاء فى الدورى الإسبانى بالطبع، حيث بلغ 474 هدفاً فى 520 مباراة، وفاز بجائزة الهداف 8 مرات، وحمل الحذاء الذهبى 6 مرات.«ميسى» قصة كفاح مشرفة، حفر فى الصخر حتى يحقق شغفه، عائلته بسيطة جداً، أمه عاملة نظافة، عندما كان ميسى فى الثامنة من عمره انضم لأكاديمية فريق نيولز أولد بويز الأرجنتينى، ولم تبخل الإدارة فى تقديم مساعدة مالية لعائلة الطفل «ليو» من أجل توفير علاج لمشكلة نقص هرمون النمو، حيث كان مطلوباً أن يتم إعطاؤه حقنة يومية، ومع الوقت صار الأمر مرهقاً مالياً على الأسرة والنادى أيضاً، تحدّث ميسى عن تلك الفترة من طفولته قائلاً: عندما كنت فى الثامنة من عمرى كنت أعانى مرض نقص النمو، وكان والداى يحقناننى بالأدوية، وفى سن الـ12 تعلمت أن أفعل ذلك بنفسى، وأضاف: كنت أحقن نفسى كل مساء بهرمون النمو، فى البداية فى ساق واحدة قبل أن تتحول العملية إلى الساق الأخرى.. كانت الإبرة صغيرة، لذلك لم أكن أشعر بأى شىء، بالنسبة لى كانت العملية برمتها شيئاً روتينياً، وكنت مضطراً للقيام بذلك وفعلت.فى عمر الـ13 عاماً، تواصل مسئولو أكاديمية «لاماسيا»، التابعة لبرشلونة الإسبانى، مع عائلة ميسى، كان ذلك عام 2001، وتم الاتفاق على أن تسافر العائلة إلى المدينة الكتالونية ليصبح ميسى موجوداً دائماً فى مدرسة برشلونة العريقة لكرة القدم، مع توفير العلاج الدائم له حتى يتعافى من مشكلة نقص هرمون النمو، وهنا بدأت الرحلة الذهبية، على مدار 15 موسماً لعب ميسى بقميص برشلونة، وصل عدد مبارياته إلى 687 مباراة وسجل 603 أهداف، ليكون الهداف التاريخى للبارسا، وحقق مع برشلونة كل الألقاب الممكنة أكثر من مرة (الدورى الإسبانى 10 مرات)، و(كأس إسبانيا 6 مرات)، و(سوبر إسبانيا 8 مرات)، و(دورى أبطال أوروبا 4 مرات)، و(سوبر أوروبا 3 مرات)، و(كأس العالم للأندية 3 مرات).حقق كل هذا المجد وما زال يبكى لأنه يريد أن يشارك فى الدقائق الأخيرة لمباراة لعب أهم منها كثيراً، لكن الشغف الذى يسكنه هو ما يكتب سطور حياته.